للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد المطلب على قتل ابنه عبد الله بسبب النذر الذي أخذه على نفسه على ما جاء في روايات أهل الأخبار١.

وهذا العامل هو الذي يفسر ما جاء في التوراة عن إقدام إبراهيم على ذبح ابنه، ويشير إلى وجود هذه العادة عند الإسرائيليين. وسبب قلة قتل الأولاد بالقياس إلى وأد البنات أن الولد عنصر مهم في الحياة الاقتصادية وفي الحياة الاجتماعية حيث يكون عُدة لوالده ولأهله وعشيرته في الحروب، ثم أن أسره في الحروب لا يعد شائنًا مثل أسر البنات. والمرأة بالأسر تكون فريسة للآسرين. والمرأة ليست قادرة كالرجل على إعاشة نفسها وغيرها ولا على الغزو، ولذلك صارت البنت هدفًا للوأد أكثر من الذكر٢.

وقد تأثر بعض ذوي القلوب الرقيقة من عادة "وأد البنات"، وسعوا لإبطالها.

وكان بعض الموسرين منهم يفتدي البنات من القتل بدفع تعويض إلى أهلهن، وأخذهن لتربيتهن. فكان "صعصعة بن ناجية" جدّ الفرزدق الشاعر المعروف، ومن أشراف تميم، يشتري البنات ويفديهن من القتل كل بنت بناقتين عشراوين وجمل٣. فجاء الإسلام وعنده ثلاثون موؤودة٤. وذكر أنه فدى أربعمائة جارية، وقيل: ثلاثمائة جارية من الجاهلية حتى مجيء الإسلام. وذكر على لسان الفرزدق أنه قال: "أحيا جدي اثنتين وتسعين موؤودة"٥. وأنه منع الوئيد في الجاهلية فلم يدع تميمًا تئد وهو يقدر على ذلك٦. وذكر أنه قال للرسول إنه اشترى "٢٨٠" موؤودة، دفع عن كل واحدة منهن ناقتين عشراوين وجملًا٧. وأنه كان لا يسمع بموؤودة يراد وأدها، وهو يتمكن من إحيائها، إلا جاء والدها


١ القرطبي، الجامع "٧/ ٩١"، الماوردي، أعلام النبوة "١٢٦"، بلوغ الأرب "٣/ ٤٦ وما بعدها"، السيرة الحلبية "١/ ٣٩"، البداية والنهاية، لابن كثيرط ٢/ ٢٤٨ وما بعدها".
٢ الأمومة عند العرب "ص٥٠".
٣ المستطرف "٢/ ٧٧"، القرطبي، الجامع "١٠/ ١١٧" وضع لفظة "عمي" في موضع "جدي" في شعر "الفرزدق"، و"صعصعة" جد الفرزدق، لا عمه، الإصابة "٢/ ١٧٩"، "رقم ٤٠٦٨".
٤ الاشتقاق "١/ ١٤٧"، المرزباني، معجم الشعراء "٢/ ٤٨٦".
٥ أمالي المرتضي "٢/ ٢٨٤ وما بعدها"، الأغاني "١٩/ ٢ وما بعدها".
٦ أمالي المرتضي "٢/ ٢٨٤"، الأغاني "١٩/ ٣"، تيسير الوصول "٣/ ١١٣".
٧ نهاية الأرب "٣/ ١٢٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>