للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أن قريشًا لم تكن تعرف من الغناء، إلا النصب، حتى قدم "النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي" العراق، فعلم ضرب العود وغناء العباديين، فقدم مكة، فعلم أهلها، فاتخذوا القيان١.

ويظهر من غربلة ما ورد في الأخبار عن الغناء، أن المراد به، تلحين ما يراد التغني به وتطريبه، حتى يثير الطرب في نفوس السامعين، لا سيما إذا اقترن بآلة من آلات الطرب. ونادرًا ما يكون غناء دون "موسيقى". فالموسيقى تصاحب الغناء. والغناء: تلحين ما يراد التغني به بتقطيعه قطعًا موزونة تكون نغمة، يوقع على كل صوت منها بإيقاع يناسبه، فيزيده لذة في السماع٢.

وذهب "المسعودي" إلى أن أول من اتخذ القيان من العرب، أهل يثرب.

أخذوا ذلك من بقايا عاد٣. بينما يذكر الأخباريون، أن أول من غنى من العرب العاربة الجرادتان، وكانتا فينتين على عهد عاد، لمعاوية بن بكر العمليقي٤.

وفي جملة من قال ذلك "ابن خرداذبه"، الذي اعتمد "المسعودي" عليه في موضوع الغناء، ونقل من كتابه "اللهو والملاهي" بالنص٥.

والقينة عند علماء اللغة: الأمة المغنية، وذكروا أنها كلمة هذلية. وقال بعض آخر: مغنية كانت أو غير مغنية. وإنما قيل للمغنية قينة، إذا كان الغناء صناعة لها، وذلك من عمل الإماء دون الحرائر٦. والظاهر أنها من الألفاظ المعربة، فالغناء في لغة "بني إرم" هو "قنتو" Qinto والمغنية "قينة" من الغناء "قنتو"٧.

وذكر أن من أسماء "القينة" "الزمّارة" و"الزامرة"، وقيل للمغني: "الزمار"، وذلك من التزمير بالمزمار٨.


١ كتاب اللهو والملاهي "١٩"، مروج الذهب "٤/ ١٣٤"، المخصص "٢/ ١٤٢ وما بعدها"، "٤/ ٥٤".
٢ مقدمة ابن خلدون "٧٥٨"، "دار الكتاب، بيروت ١٩٦١"، اللسان "١٥/ ١٣٥".
٣ مروج الذهب "٤/ ١٣٤"، كتاب اللهو والملاهي "١٩".
٤ كتاب اللهو والملاهي "١٨".
٥ راجع كتاب اللهو والملاهي وقارنه بكتاب مروج الذهب، للمسعودي "٤/ ١٣١ وما بعدها".
٦ اللسان "١٣/ ٣٥١ وما بعدها".
٧ غرائب اللغة "٢٠٢".
٨ اللسان "٤/ ٣٢٧"، "ذمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>