للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحول وقد بكوه البكاء الذي استحقه الميت عذر أقرباؤه عن الاستمرار في بكائه إلا في المناسبات. قال لبيد لابنتيه لما حضرته الوفاة:

إِلى الحَولِ ثُمَّ اِسمُ السَلامِ عَلَيكُما ... وَمَن يَبكِ حَولًا كامِلًا فَقَدِ اِعتَذَر١

وتعرف التي ترفع صوتها بالنياحة بـ"الصالقة". وأما التي تحلق شعرها عند نزول المصيبة فيقال لها: "الحالقة". وأما التي تشق جيبها، فيقال لها: "الشاقة".

ويقال لتعديد النادبة بأعلى صوتها محاسن الميت النادبة ولعملها الندب٢. والظاهر أن الندب كان خاصًّا بالنساء، وإن وردت كلمة "نادب" عند اللغويين٣.

وقد نهى الإسلام عن "الصلق"، ورد في الحديث: "ليس منا من صلق أوحلق أو خرق". أي: ليس منا من رفع صوته عند المصيبة وعند الموت. ويدخل فيه النوح أيضًا٤. و"السالقة"، هي بمعنى "الصالقة"، وهي لهجة ولا شك من لهجات القبائل، وقد وردت في رواية أخرى للحديث المذكور أيضًا٥. ولطم الخدود وخمشها وشق الجيوب وذر التراب أو الرماد أو وضع الطين على الرأس والخدود عادة لا ينفرد بها العرب وحدهم، بل هي موجودة عند غيرهم من الأمم أيضًا. وفي التوراة آيات تشير إليها كلها وتعدها من دلائل الحزن والأسى الشديد والتوجع على الميت. وهي كلها مذكورة فيها من البكاء والنحيب على الميت إلى ذرّ الرماد والتراب أو وضع الطين على الرأس إلى شق الجيوب ولطم الصدر والخدود.

وليست عادة استئجار النادبات بعادة خاصة بالعرب الجاهليين، فقد كان العبرانيون يستأجرون النادبات كذلك ليندبن الميت، وقد أشير إلى ذلك في التوراة٦، ولعلها من العادات السامية القديمة المعروفة عند بقية الساميين.


١ بلوغ الأرب "٣/ ١٢".
٢ بلوغ الأرب "٣/ ١٣".
٣ تاج العروس "١/ ٤٨١"، "ندب".
٤ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برئ من الصالقة والحالقة والشاقة"، صحيح مسلم "١/ ٧٠ وما بعدها"، "باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية" تاج العروس "٦/ ٤١١".
٥ تاج العروس "٦/ ٣٢٠ وما بعدها، ٣٨٢".
٦قاموس الكتاب المقدس "٢/ ٢٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>