للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك عرف بـ"عروة الرحال"١. وذكر أن "ردافة الملوك: كانت من العرب في بني عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع، فورثها بنوهم كابرًا عن كابر حتى قام الإسلام، وهي أن يثني بصاحبها في الشراب، وإن غاب الملك خلفه في المجلس، ويقال: إن أرداف الملوك في الجاهلية بمنزلة الوزراء في الإسلام، والردافة كالوزارة. قال لبيد من قصيدة:

وشهدت أنجية الأفاقة عاليًا ... كعبي وأرداف الملوك شهود"٢

وكان "سدوس بن شيبان" رديفًا، "فكانت له ردافة آكل المرار"٣.

وقد كانت الردافة معروفة عند "ملوك كندة" أيضًا. وقد رووا أن "أبا حنش عاصم بن النعمان التغلبي"، كان رديفًا للملك "شرحيل بن الحارث بن عمرو الملك المقصور بن آكل المرار الكندي"٤. وقد احتفظ "بنو سدوس" بهذا الحق: حق ردافة ملوك كندة٥.

ولا يوجد نظام خاص في "الردافة"، ولكن نظرًا لما للردافة من مكانة ومنزلة، جرت العادة ألا تعطى إلا للرجال الذين لهم مكانة عند الناس ولهم عقل وشخصية، وقد تنتقل من الأب إلى الابن، وقد تنحصر في قبيلة واحدة، فإذا أراد الملك نقلها إلى قبيلة أخرى، ولم يأخذ رأي تلك القبيلة في نقلها نها "زعلت" القبيلة وثارت إن كانت قوية ووقع الشر بينها وبين الملك، أو بينها وبين القبيلة الأخرى التي نازعتها على الردافة.

وللرديف، بحكم اتصاله بالملك وبقربه منه وبتقديمه الرأي له، أثر في توجيه الملك وفي اتخاذه القرارات، لا سيما إذا كان الملك ضعيفًا فاتر الهمة، ليس له رأي. والرديف بهذا المعنى المستشار والوزير. وقد ذكر أن الردافة بهذا المعنى عرفت في الإسلام أيضًا. روي أن "عثمان" كان يُدعى "رديفًا" في إمارة عمر٦.

وذكر علماء اللغة أن "الأرداف: الملوك في الجاهلية، والاسم منه الردافة".


١ البيان والتبيين "١/ ١٣٢"، المحبر "٢٥٤".
٢ الثعالبي، ثمار القلوب "١٨٤".
٣ المعارف "ص٤٥".
٤ المحبر "ص٢٠٤".
٥ الاشتقاق "٢٦١".
٦ الطبري "٣/ ٤٨٠"، "ذكر ابتداء أمر القادسية".

<<  <  ج: ص:  >  >>