للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر أهل الأخبار أنه قد كان بين "دريد بن الصمة" و"ربيعة بن مكدم" يومٌ عرف بـ"يوم الظعينة"، وكان دريد قد خرج في فوارس من "بني جُشَم" حتى إذا كان في وادٍ يقال له: "الأحزم" وهم يريدون الغارة على بني كنانة، رفع له رجل في ناحية الوادي ومعه ظعينة، فأرسل فرسانًا من فرسانه ليأتوا إليه بخبره، فلم يعودوا، فذهب "دريد" بنفسه إليه ليراه، فأخذ الرجل منه رمحه وخلى، ثم انصرف دريد إلى أصحابه، ثم لم تلبث "بنو كنانة" أن أغارت على بني جُشَم، فقتلوا وأسروا "دريد بن الصمة"، وكان الرجل الذي أخذ رمح دريد يوم الظعينة، هو "ربيعة بن مكدم", فلما سأل "دريد" وهو في الأسر عنه، قيل له: "قتلته بنو سليم"، ثم أطلق، وجهز، ولحق بقومه. فلم يزل كافًا عن غزو بني فراس حتى هلك١.

ولدريد يوم مع غطفان عرف بـ"يوم الصلعاء" وقد انتصرت فيه هوازن على غطفان، وقتل فيه دريدٌ ذؤاب بن زيد بن قارب٢.

ودريد بن الصمة من الفرسان المعروفين كذلك، وقد ترأس قومه في عدة غزوات. ويعده الأخباريون في جملة البرص الأشراف، وهو ممن أدرك الإسلام٣.

و"ربيعة بن مكدم" فارس مشهور، وهو فارس بني كنانة، وبنو كنانة من أنجد العرب، عرفوا بالشجاعة حتى قيل: إن الرجل منهم يعدل بعشرة من غيرهم. وصادف أن قتلت "بنو فراس" رجلين من بني سُلَيْم، فحقدت بنو سليم عليهم، فلما كان ظعن من بني كنانة بـ"الكديد"، وفيهم ربيعة بن مكدم، تلقاهم قوم من "بني سُليم"، فاقتتلوا معهم، وقتل ربيعة في ذلك اليوم. ولما دفن عقر على قبره، وكان "يعقر على قبره في الجاهلية، ولم يعقر على قبر أحد غيره"٤.

ولما قتلت بنو سليم "ربيعة بن مكدم"، غزا "مالك بن خالد بن صخر بن الشريد" سيد "بني سُليم" "بني كنانة". وكان بنو سُليم قد توجوا


١ نهاية الأرب "١٥/ ٣٧٠ وما بعدها".
٢ نهاية الأرب "١٥/ ٣٧٣".
٣ المحبر "٢٩٨ وما بعدها"، الاشتقاق "١٧٧ وما بعدها".
٤ الكديد، بفتح أوله وكسر ثانية بعده دال مهملة، موضع بين مكة والمدينة، وهو ماء عين جارية عليها نخل كثير، نهاية الأرب "١٥/ ٣٧٣"، الأغاني "١٤/ ١٢٩"، الأمالي "٢/ ٢٧١"، العقد الفريد "٣/ ٣٢٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>