للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ لقيط بن زرارة يستعد ويجمع العدة، لينتقم من بني عامر، وليأخذ منهم بثأر أخيه معبد الذي أسر في يوم رحرحان، ثم هلك لمنع بني عامر الماء عنه١. فذهب إلى النعمان بن المنذر وأطعمه في الغنائم، فأجابه. ثم ذهب إلى الجون الكلبي ملك هجر٢. فأجابه أيضًا. ثم توجه إلى كل من عرف بعدائه لبني عامر وعبس، فأوغر صدره عليهم، ومنّاه بالغنيمة والنصر، فانضمت إليه بنو ذبيان لعدائها لعبس بسبب حرب داحس والغبراء، وبنو أسد للحلف الذي كان بينهم وبين بني ذبيان. فلما مضى الحول على يوم رحرحان. انهالت الجيوش على لقيط، فوصل جيش الجون الكلبي وعليه عمرو ومعاوية ابناه. ووصل جيش النعمان وعليه أخوه لأمه حَسّان بن وبرة الكلبي، وأقبل الحليفان: أسد وذبيان وعليهم حصن بن حذيفة، وأقبل شرحبيل بن أخضر بن الجون بن آكل المرار في جمع من بني كندة.

وسار سادات تميم: حاجب بن زرارة، ولقيط بن زرارة، وعمرو بن عمرو، والحارث بن شهاب، ومعهم أحلافهم ومن انضم إليهم، يقصدون بني عامر، فنتج عن ذلك جمع لم يكن في الجاهلية أكثر منه.

وعرفت بنو عامر بمجيء الجمع، فاستعدت له وتحصنت في شعب جبلة، أخبرها بذلك كرب بن صفوان السعدي، وكان شريفًا من أشراف قومه لم يخرج مع الجمع، فخافوا من تخلفه عنهم، وعرفوا أنه دبّر في ذلك أمرًا، وأنه يقصد إخبار بني عامر. فأخذا عليه العهد بألا يفشي من سر مسيرهم هذا لبني عامر. وقد سار كرب بن صفوان إلى بني عامر، وأظهر لهم علائم هجوم بني تميم عليهم، دون أن يقول لهم شيئًا عنه لئلا يخلف وعده. فعرفوا به. واستعدوا له. وبينما كان القوم على وشك الوصول إلى ديار بني عامر، عادت بنو أسد فغيرت رأيها من الاشتراك في هذا الهجوم، ورجعت عنهم، ولم يسر مع لقيط منهم إلا نفر يسير.

ولما وصل بنو تميم وأحلافهم إلى شعب جبلة، كان بنو عامر على أتم استعداد للقاء. وقد احتموا في مواضع منيعة حصينة من الشعب. ولما دخلوه يريدون


١ الاشتقاق "ص١٤٥".
٢ "الكندي"، نهاية الأرب "١٥/ ٣٥١".

<<  <  ج: ص:  >  >>