للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرض على النعمان بن المنذر أن يتولى له حماية لطيمته، ويجيزها له على أهل الحجاز. وسمع بذلك عروة الرحال، وهو يومئذ رجل هوازن، فاحتقر أمر هذا الخليع: "البراض بن قيس الكناني"، فقال للملك: أكلب خليع يجيزها لك؟ أبيت اللعن، أنا أجيزها لك على أهل الشيح والقيصوم في أهل نجد وتهامة. فدفعها النعمان إليه، وخرج عروة بها، والبراض بن قيس يتعقبه. فلما كان بأوارة غافله البراض، فقتله، واستاق اللطيمة إلى خيبر. ولما بلغ خبر مقتل عروة كنانة وهوازن، هاج الطرفان، واشتبكا في قتال وقع بموضع نخلة، فاقتتلوا حتى دخلت قريش الحرم، وجنّ عليهم الليل فكفّوا.

وجرّ عمل هذا الخليع إلى وقوع جملة أيام أخرى، أدت إلى اضطراب الأمن في مواسم أمن ما كان يحدث فيها قتال. فبعد عام من يوم نخلة، تجمعت قريش وكنانة بأسرها والأحابيش ومن لحق بهم من بني أسد بن خزيمة. لملاقاة سليم وهوازن، ووزع عبد الله بن جُدعان السلاح على الشجعان الفرسان المعروفين بالشجاعة والصبر. وسلَّح يومئذ مائة كميّ بأداة كاملة، سوى من سلَّح من قومه واجتمعوا بموضع شمطة من عكاظ في الأيام التي تواعدوا فيها على قرن الحول١.

وترأس المتقاتلين المتواعدين سادات ذلك الوقت المعروفون. وعلى كنانة كلها حرب بن أمية، ومعه عبد الله بن جُدعان وهشام بن المغيرة وهما على الميمنة والميسرة، وعلى هوازن وسُليم كلها مسعود بن معتب الثقفي. وفي بني عامر ملاعب الأسنة أبو براء، وفي بني نصر وسعد وثقيف سُبيع بن ربيع، وفي بني جشم الصِّمة والد دريد وفي غطفان عوف بن أبي حارثة، وفي بني سُلَيم عباس بن زغل، وفي فهم وعدوان كدام بن عمرو.

وكانت الدائرة في أول النهار لكنانة على هوازن، حتى إذا كان آخر النهار تداعت هوازن وصابرت، وانكشفت كنانة فاستحر القتل فيهم، فقتل منهم تحت رايتهم مائة رجل، ولم يقتل من قريش أحد يذكر، فكان هذا اليوم لهوازن على كنانة وقريش٢.


١ "شمظة"، نهاية الأرب "١٥/ ٤٢٧"، الأغاني "١٩/ ٧٥"، سيرة ابن هشام "١/ ١٩٦"، السيرة الحلبية "١/ ١٤٢"، العقد الفريد "٥/ ٢٥٢".
٢ نهاية الأرب "١٥/ ٤٢٧ وما بعدها"، العقد الفريد "٦/ ١٠٦ وما بعدها"، ابن الأثير "١/ ٢٤٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>