للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وقع الفجار الثاني بعد الفيل بعشرين سنة، وبعد موت عبد المطلب باثنتي عشرة سنة على رواية. ويعد من أيام العرب المشهورة، وهو أشهر من يوم جبلة الذي وقع قبله في بعض الروايات١.

وعادت هوازن وكنانة إلى الحرب، والتقوا على قرن الحول في اليوم الثالث من أيام عكاظ، واقتتلوا وكانت الهزيمة على كنانة. وقد عرف هذا اليوم بيوم العبلاء٢.

وقد تأثرت كنانة من الهزيمة التي لحقتها في يومي شمطة والعبلاء، وأخذت تستعد للانتقام من هوازن، فتكتل رؤساؤها واشتروا الأسلحة، وحمل عبد الله بن جدعان مثري قريش وغنيها يومئذ ألف رجل من بني كنانة على ألف بعير، وتولى قيادة كل بطن رئيسه ثم سارت على رأس الحول من اليوم الرابع من أيام عكاظ قاصدة هوازن، فالتقت بها واشتبكت معها في قتال كاد يهرب فيه بنو كنانة، لولا صبر بني مخزوم وبلاؤها بلاءً حسنًا. وخشيت قريش أن يجري عليها ما جرى يوم العبلاء. فقيّد حرب وسفيان وأبو سفيان بنو أمية بن عبد شمس أنفسهم وقالوا: لا نبرح حتى نموت مكاننا أو نظفر واقتتل الناس قتالًا شديدًا، وحملت قريش وكنانة على قيس من كل وجه حتى انهزمت، وانتصرت بذلك كنانة وقريش على بني هوازن. وعرف هذا اليوم بيوم عكاظ٣.

ولما انهزمت قيس، دخلوا خباء "سبيعة بنت عبد شمس" امرأة "مسعود بن مُعتب الثقفي" مستجيرين بها، فأجار "حرب بن أمية" جيرانها، واستدارت قيس بخبائها حتى كثروا، فلم يبق أحد لا نجاة عنده إلا دار بخبائها، فقيل لذلك الموضع: مدار قيس، وكان يضرب به المثل، فتغضب قيس٤.

وقد التقت كنانة وقريش بقيس في يوم آخر يسمى يوم الحُريرة، وكان على بني بكر بن عبد مناة، رئيسهم جثامة بن قيس أخو بلعاء بن قيس وذلك لوفاة بلعاء. أما الرؤساء الآخرون، فبقوا كما كانوا في اليوم الماضي. وبعد قتال اتفقوا


١ ابن الأثير "١/ ٢٤٦".
٢ العبلاء: علم على صخرة بيضاء إلى جنب عكاظ، العقد الفريد "٦/ ١٠٧".
٣ أيام العرب "٣٣٤ وما بعدها".
٤ أيام العرب "٣٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>