للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعلمها الرامي من رماة ماهرين. فكان أهل الحيرة والفرس يعلمون أولادهم الرمي بالنشاب، ليكونوا من الرماة المهرة. يستعملون فنهم هذا في قهر أعدائهم وفي الصيد وفي الحروب١. وقد كانت الجيوش تضم فرقًا من الرماة، تكون لهم أهمية كبيرة جدًّا في تقرير نهاية الحرب؛ لأنهم عنصر فعال قوي في التأثير في المحاربين.

وقد استعان الفرس والروم والرومان بالرماة الماهرين من العرب، فكوّنوا منهم فرقًا خاصة في جيوشهم، وظيفتها الهجوم على العدو ورميه بالسهام للفتك به. فكانت السهام تقوم مقام نار البنادق والرشاشات في أسلحة هذا اليوم. وقد أشار الكتبة "الكلاسيكيون" إلى كتائب الرماة العرب التي كوّنها الروم والرومان.

وقد عرف بعض الرماة بدقة إصابتهم الهدف، فكانوا يصيبون بسهامهم ونبلهم أدق الأهداف. وقد اشتهر هؤلاء بـ"رماة الحدق"، أي: المهرة في الرمي، فلا يخطئون الحدق. وفي كتب الأخبار قصص عن دقة إصابة هؤلاء الرماة٢.

ولخطورة الرمي في القتال، ولأهمية هذا السلاح في مصير الحروب ونتائجها، أعطاه الإسلام أهمية كبيرة. وقد ورد في الحديث: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة, ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي"٣. وورد أيضًا: أن الرسول كان يحث أصحابه على تعلم الرماية وإتقانها٤. وقد كان في صفوف قريش والوثنيين جماعة من الرماة المهرة الذين يصيبون الأهداف.

واشتهرت أنواع من القسي، منها: "القسي الماسخية"، نسبة إلى رجل من بني نصر بن الأزد اسمه "ماسخة"٥، وقيل: "نبيشة بن الحارث". ذكر أنه أول من عملها. وتنسب القسي أيضًا إلى "زارة" وهي امرأة "ماسخة"٦.

وفي هذه القسي قال الشاعر:

شرعت قسي الماسخي رجالنا ... بسهام يثرب أو سهام الوادي٧


١ الأغاني "٢/ ١٩".
٢ العقد الفريد "١/ ٢١٨ وما بعدها".
٣ العقد الفريد "١/ ٢٢٢".
٤ المصدر نفسه.
٥ بلوغ الأرب "٢/ ٦٥"، العمدة"٢/ ٢٣٣".
٦ الروض الأنف "٢/ ٢١٢".
٧ الاشتقاق "ص٢٨٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>