للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسدّ منافذ شعاب المدن بأبواب كذلك، لتقي من في الشعاب من أخطار الأشرار والمعتدين. وتغلق هذه الأبواب في الليالي. وقد تحاط الشعاب بسور يمنع الناس من الدخول إلى الشعب إلا من الباب المؤدي إليه. وفي المدن الملكية، تحاط قصور الملوك ومخازنهم ومداخرهم بأسوار قوية تحميهم من المعتدين. وقد تُبنى قلاع في مواضع مرتفعة من المدن، أو على تلال صناعية ليقاوم منها الناس عند انهيار المقاومة الخارجية، فتكون بذلك آخر وسائل المقاومة قبل الاستسلام.

أما القرى، فيدافع عنها بحصون وآطام وبمجادل وذلك لفقر أهلها وعدم تمكنهم من إقامة سور قوي يحمي القرية. وقد كان يهود الحجاز الساكنون في شمال المدينة، قد حصنوا قراهم بآطام يلجئون إليها ويحتمون بها أيام الخطر. وقد عرفت هذه الحصون عندهم بـ"آطام" وواحدها "أطم". وأما القرية، فهي "قرية" في العبرانية، وتسمى بـ"قريتا Keritha في لغة بني إرم١.

ويقال للحصن "الأجم" والجمع "آجام"، وقد ورد ذكر الأجم في شعر لامرئ القيس.

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ... ولا أجمًا إلا مشيدًا بجندل٢

ويقال للحصن: "الأطم" كذلك، والجمع آطام. ولا تزال آثار آطام جاهلية باقية في الحجاز وفي نجد وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب وفي "وادي الحفر" بنجد، ويعرف بـ"حضر بني حسين"، آثار قصور وآطام جاهلية وآبار كثيرة٣.

وذكر بعض علماء اللغة أن الآطام: القصور والحصون، وخصصها بعض آخر بالدور المسطحة السقوف. وقد اشتهر "الأبلق"، وهو حصن "السموأل بن عادياء" في التأريخ، وهو في تيماء. وورد اسمه في شعر للأعشى مدح به السموأل٤. وكانت الأوس والخزرج تتمنع بالآطام، وتحارب عليها، وقد أرخت بحرب وقعت فيما بينهم بها، فقالوا: "عام الآطام"، وقد أخربت في أيام


١ Smith Dictionary, I, P.٣٣٣, Ency. Bibli., I, P.٨٣٣
٢ شمس العلوم، الجزء الأول، القسم الأول "ص٥٨".
٣ صحيح الأخبار "١/ ١٣٢".
٤ شمس العلوم، الجزء الأول، القسم الأول "ص١٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>