وحصن تتحصن به عند وقوع خطر على المدينة. وبه مواضع في أعلى القصر لرمي الأعداء، ويلجأ أتباع أصحاب القصور إلى هذه القصور أيضًا للمساهمة في الدفاع عنها وفي حماية أنفسهم من الأذى. ولما حاصرالمسلمون الحيرة. كان حصارهم لها هو حصار قصورها، فكانوا يحاربون القصورحتى غلب المسلمون أهلها فاستسلمت عندئذ لهم.
ولحماية السور ولمنع العدو من الوصول إليه والدنو منه، يحفر خندق حوله، ليمنع الغزاة والمحاربين من الوصول إليه. يحفرعميقًا وعريضًا جهد الإمكان، فعلى عرضه ومقاومته تتوقف مقاومته للعدو. ولما حاصر المشركون المدينة، أمر الرسول بحفر خندق حولها، ليمنع المشركين من الوصول إليها. وقد ذكر أن سلمان الفارسي، هو الذي أشار على الرسول بحفر الخندق، بعد أن تباحث مع أصحابه في الوسائل التي يجب اتخاذها لحماية المدينة، وزعم أهل الأخبار أن أهل الحجاز لم يكن لهم علم بالخنادق، وأن المسلمين كانوا في قلق شديد وخوف من تغلب قريش عليهم، فذكر سلمان لهم طريقة أهل بلاده في الدفاع عن مدنهم، فأخذوا برأيه. فلما رأت قريش الخندق، عجزت عن اقتحامه، ونجت يثرب منهم به. وزعموا أيضًا أن لفظة الخندق، وهو لفظة معربة من الفارسية، وإذا أخذنا برأي هؤلاء أصحاب الأخبار، وجب اعتبار تأريخ دخولها إلى العربية منذ هذا الحادث إذن. ويطلق العبرانيون لفظة "حيل"، أي: حائل على الخندق١.
وأنا أشك كثيرًا في موضوع جهل أهل مكة والمدينة بأمور الخنادق، وفي قصة أن "سلمان الفارسي" كان أول من علم المسلمين حفرالخنادق؛ وذلك لأن أهل اليمن كانوا قد أحاطوا مدنهم بالخنادق لتعوق المهاجمين عن بلوغ الأسوار، كما أن أهل فلسطين كانوا يحيطون مدنهم بالخنادق أيضًا، وقد كان لأهل الحجاز اتصال وعلاقات بالمكانين وبالعراق أيضًا، وقد زاروا مدنًا أحيطت بالخنادق، فلا يعقل أن يكونوا على غفلة من أمرها، والظاهر أن الرسول كان قد جمع أصحابه حين داهمه المشركون ليستشيرهم بصورة عاجلة في كيفية الدفاع عن "يثرب" بعد أن هددها الكفار، فبيّن كل صحابي رأيه، وكان من رأي "سلمان"