للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام التربُّص مدة تزيد على أربعة أشهر١. وقد جعله طلاقًا مؤجلًا٢.

والطلاق حق من حقوق الرجل، يستعمله متى شاء. أما الزوجة، فليس لها حق الطلاق، ولكنها تستطيع خلع نفسها من زوجها بالاتفاق معه على ترضية تقدمها إليه، كأن يتفاوض أهلها أو ولي أمرها أو من توسطه للتفاوض مع الزوج في تطليقها منه في مقابل مال أو جُعْل يقدم إليه. فإذا وافق عليه وطلقها، يقال عندئذ لهذا النوع من الطلاق: "الخلع". وقد ذكر أهل الأخبار أن أول خلع كان هو خلع عامر بن الظرب، وذلك أنه زوّج ابنته من ابن أخيه عامر بن الحارث بن الظرب، فلما دخلت عليه، نفرت منه٣.

فالخلع إذن، هو طلاق يقع بدفع مالٍ، تدفعه المرأة أو أقرباؤها للرجل في مقابل تخلية سبيلها وافتداء نفسها به٤. ويدخل في هذا الباب ما تدفعه زوج الأب المتوفى إلى ابنه الذي يتزوجها بعد وفاة أبيه من مال مقابل فراقه لها، وتطليقه إياها٥.

وكان من الجاهليين من يطلق زوجته، ويفارقها، غير أنه لم يكن يسمح لها بالتزوج من غيره حمية وغيرة، ويهددها ويهدد أهلها إن حاولت الزواج، أو يرضي أهلها وأولياءها بالمال. فلا يجيزوا لها الزواج وقد نهى عن ذلك الإسلام٦.

وقد يهمل الرجل زوجته، فلا يراجعها ولا يطلقها. ويظل مفارقًا لها، إلى أن ترضيه بدفع شيء له، فيسمح لها عندئذ بالطلاق وبالزواج من غيره, ويقال لذلك "العَضْل". و"كان العضل في قريش بمكة، ينكح الرجل المرأة الشريفة فلعلّها لا توافقه فيفارقها، على أن لا تتزوج إلا بإذنه فيأتي بالشهود، فيكتب ذلك عليها، ويشهد، فإذا خَطَبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها، وإلا


١ البقرة، الآية ٢٢٦، ابن قدامة، المغني "٨/ ٥٠٢"، الجصاص "١/ ٣٥٧"، الشوكاني، نيل الأوطار "٦/ ٢٥٧ وما بعدها".
٢ المبسوط، للسرخسي "٧/ ١٩ وما بعدها".
٣ عمدة القارئ "٢٠/ ٢٦٠"، المبسوط "٦/ ١٧٦ وما بعدها" السنن الكبرى "٧/ ٣١٦"، اللسان "٩/ ٤٢٩"، تاج العروس "٥/ ٣٢١"، "خلع"، تفسير المنار "٤/ ٤٦١"، تفسير الطبري "٢/ ٤٦١"، فتح الباري "٩/ ٣١٨".
٤ جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام "٥/ ٢٧١".
٥ Kinship. P.٩٢
٦ عمدة القارئ "٢٠/ ١٢١، ١٢٤"، روح المعاني "٢/ ١٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>