للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجلتم علينا عجلتينا عليكم ... وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق١

فإن ذلك يعني أن قومًا من الجاهليين كانوا يدينون بعبادة "الرحمن". ومما يؤيد هذا الرأي ما ورد من أن بعض أهل الجاهلية سموا أبناءهم عبد الرحمن، وذكروا أن "عامر بن عتوارة" سمى ابنه "عبد الرحمن"٢.

وقد وردت لفظة "الرحمن" في شعر ينسب إلى "حاتم الطائي" هو:

كلوا اليوم من رزق الإله وأيسروا ... وإن على الرحمن رزقكم غدًا

وحاتم من المتألهة، ويعده البعض من النصارى و"الرحمن" نعت من نعوت الله في النصرانية، من أصل "رحمونو" Rahmono٣، فهل عبر شاعرنا بهذه اللفظة عن هذا المعنى النصراني؟

"وقد زعم بعضهم أن العرب لا تعرف الرحمن حتى رد الله عليهم ذلك بقوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} . ولهذا قال كفار قريش يوم الحديبية لما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لعلي: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم. رواه البخاري. وفي بعض الروايات: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة"٤.

وذكر أن المشركين سمعوا النبي يدعو ربه، يا ربنا الله ويا ربنا الرحمن، فظنوا أنه يدعو إلهين، فقالوا: هذا يزعم أنه يدعو واحدًا، وهو يدعو مثنى مثنى. وأن أحدهم سمع الرسول يقول في سجوده، يا رحمن يا رحيم فقال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة دعا الرحمن الذي باليمامة. وكان باليمامة رجل يقال له الرحمن٥.


١ تفسير الطبري "١/ ٤٤"، "سلامة بن جندب الطهوي"،
عجلتم علينا إذ عجلنا عليكم ... وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق.
تفسير ابن كثير "١/ ٢١"،
٢ الاشتقاق "ص٣٧".
٣ غرائب اللغة "١٨٢".
٤ تفسير ابن كثير "١/ ٢١".
٥ تفسير الطبري "١٥/ ١٢١"، سورة الإسراء، الآية ١١٠، روح المعاني "١٥/ ١٧٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>