للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ثقيف، فلما مات قال لهم عمرو بن لحي: "لم يمت، ولكن دخل في الصخرة ثم أمرهم بعبادتها وأن يبنوا عليها بنيانًا يسمى اللات"١ أو كالذي رووه عن الأصنام ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، من أن هؤلاء كانوا نفرًا من بني آدم صالحين، "وكان لهم أتباع يقتدون بهم. فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم فلما ماتوا ودب إليهم إبليس، فقال إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم"٢.

وهذه العقيدة هي التي خلقت للأخباريين جملة قصص عن وجود أرواح كامنة في تلك الأصنام، كانت تتحدث إلى الناس، وهي التي أوحت إليهم بذلك القصص الذي رووه بمناسبة أمر النبي بهدم الأصنام، من خروج جن من أجوافها حينما قام بهدمها المسلمون. وقد كان أولئك الجنة على وصفهم إناثًا، والغالب أنهن على هيأة زنجيات شمطاوات عجائز، وقد نثرن شعورهن٣. وهي صور مرعبة ولا شك في نظر الناس، ومن عادة الناس منذ القديم أن يمثلوا الجنة على هيأة نساء طاعنات في السن مرعبات.

والخوف من هذه الأرواح أو الجنة التي كانت تقيم في أجواف الأصنام على رأي الجاهليين، حمل بعض من عهد إليهم تحطيم تلك الأصنام على التهيب من الإقدام على مثل ذلك العمل خشية ظهورها وفتكها بمن تجاسر عليها. وهذا الخوف هو الذي أوحى إليهم ولا شك برواية القصص المذكور.

ويمثل الصنم قوة عليا هي فوق الطبيعة، وقد يظن أنها كامنة فيه٤. وتكون الأصنام على أشكال مختلفة، قد تكون على هيئة بشر، وقد تكون على هيئة حيوان أو أحجار أو أشكال أخرى. ولهذه الأصنام عند عابديها مدلولات وأساطير. وهي تصنع من مواد مختلفة، من الحجارة ومن الخشب ومن المعادن ومن أشياء أخرى بحسب درجة تفكير عبدتها وتأثرهم بالظواهر الطبيعية والمؤثرات التي تحيط


١ البلدان "٧/ ٣١٠" "اللات".
٢ تفسير الطبري" ٢٩/ ٦٢".
٣ البلدان "٧/ ٣١٠" "اللات".
٤ Ency, Rellgi, ٧p.١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>