للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم. وقد تستخدم خُشُبٌ خاصة تؤخذ من أشجار ينظر إليها نظرة تقديس واحترام في عمل الأصنام منها. ويتوقف صنعها على المهارة التي يبديها الفنان في الصنع. ويحاول الفنان في العادة أن يعطيها شكلًا مؤثرًا علاقة بالأساطير القديمة وبالكائن الذي سيمثله الصنم. وقد يكون الصنم من حجارة طبيعية عبدها عن أجداده كأن يكون من حجارة البراكين، وقد يكون من النيازك عبدها لظنه بوجود قوة خارقة فيها.

ولعبادة الأصنام صلة وثيقة بتقديس الصور Images وكذلك بصور السحر Magical Images فكل هذه الأشكال الثلاثة هي في الواقع عبادة. ونعني هنا بتقديس الصور، الصور المقدسة التي تمثل أسطورة دينية أو رجالًا مقدسين كان لهم شأن في تطور العبادة، أو جاءوا بديانة، وأمثال ذلك فأحب المؤمنون بهم حفظ ذكراهم وعدم نسيانهم أو الابتعاد عنهم. وذلك بحفظ شيء يشير إليهم ويذكرهم بهم، وهذا الشيء قد يكون صورة مرسومة، وقد يكون صورة محفورة أو منحوتة أو مصنوعة على هيئة تمثال أو رمز يشير إلى ذلك المقدس١.

فالصور المرسومة إذن، هي نوع من العبادة أيضًا، ينظر إليها نظرة تقديس وإجلال.

ونجد في روايات أهل الأخبار عن منشإ عبادة الأصنام عند العرب ما يؤيد هذا الرأي فهناك رواية طريفة عن الصنم "سواع" تزعم أن سواعًا كان ابنًا لشيث، وأن يغوث كان ابنًا لسواع، وكذلك كان يعوق ونسر، كلما هلك الأول صورت صورته وعظمت لموضعه من الدين ولما عهدوا في دعائه من الإجابة فلم يزالوا هكذا حتى خلف الخلوف، وقالوا: ما عظم هؤلاء آباءنا إلا لأنها ترزق وتنفع وتضر، واتخذوها آلهة. وهناك رواية أخرى تزعم أن الأوثان التي كانت في قوم نوح، كانت في الأصل أشخاصًا صالحين من قوم نوح. فلما هلكوا، أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسونها أنصابًا، وسموها بأسمائها، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنوسخ العلم بها عبدت٢.


١ Ency. Religi. Vol. ٧, p. ١١٠.
٢ الروض الأنف "١/ ٦٢"، تفسير الطبرسي "٥/ ٣٦٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>