للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالرجل مؤمن بالله، وقد وفى بما عاهد الله عليه، وهو لا يخشى بعد ذلك إثمًا إذا شرب؛ لأنه وفى بنذره.

ونراه يذكر الله أيضًا في هذا البيت:

لله زبدان أمسى قرقرًا جلدًا ... وكان من جندل أصم منضودا١

ثم نراه يشكر الله بجملة: "والحمد لله" في هذا البيت:

أرى إبلي والحمد لله أصبحت ... ثقالًا إذا ما استقبلتها صعودها

ونراه يحث الناس على التمسك بحبل الله، فبالله يكون النجاح، ويحث الناس على عمل البر، والبر خير حقيبة الرجل:

وَاللَه أَنجَحُ ما طَلَبتُ بِهِ ... وَالبِرُّ خَيرُ حَقيبَةِ الرَحلِ

ونفهم من هذه الأبيات ومن أبيات أخرى، أن امرأ القيس رجل مؤمن يعتقد بالله الواحد، مؤمن بالله الواحد، مؤمن بالثواب وبالعقاب، وأنه كان يخاف الله ويخشى الإثم والفسوق، ولا أدرى أينطبق هذا الذي نقوله على امرئ القيس الذي يتحدث عنه أهل الأخبار ويصفونه بأنه رجل عابس ميال إلى اللهو والشهوات رمى صنمه بسهم وأنبه لما جاء الجواب بخلاف ما كان يرغب فيه ويشتهيه. ثم لا أدرى إذا كان أسلوب هذا الشعر من أسلوب الشعر الجاهلي وطرازه؟ وإذا كان هذا الشعر صحيحًا، فلم أدخل رواته شاعره في الجاهليين الوثنيين ولم يدخلوه في عداد المؤمنين بالله من الأحناف؟

وإذا اعتقدنا بصحة الأبيات المنسوبة إلى عبيد بن الأبرص:

من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب

بالله يدرك كل خير ... والقول في بعضه تلغيب

والله ليس له شريك ... علام ما أخفت القلوب

وقلنا مع القائلين إنها من شعر ذلك الشاعر حقًّا، وجب عده إذن في جملة


١ شعراء النصرانية "٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>