للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموحدين المؤمنين المسلمين، وإن عاش قبل الإسلام. فرجل يقول هذا القول، لا يمكن إلا أن يكون مسلمًا مؤمنًا بالله الواحد الأحد علام الغيوب والعارف بما في القلوب، ومن الممهدين للتوحيد بين العرب قبل الإسلام.

وقد أهمل بعض رواة هذه المعلقة البيت الآتي:

والله ليس له شريك ... علام ما أخفت القلوب

وكأنهم فطنوا إلى أن من غير المعقول نسبته إلى رجل وثني، مهما كان رأيه في الأوثان والتوحيد، لا يمكن أن يستعمل هذه الألفاظ التي لم يستعملها العرب بهذا الشكل إلا في الإسلام.

وإلى عبيد نفسه ينسب الأخباريون قول هذا البيت:

حلفت بالله إن الله ذو نعم ... لمن يشاء ذو عفو وتصفاح

ورجل يقول هذه الأبيات وأبياتًا أخرى من لونها، لا يمكن إلا أن يكون موحدًا مؤمنًا، من فصيلة المؤمنين بالله من الأحناف. وقد أراح "شيخو" نفسه وأراح الناس حين ذهب إلى أن عبيدًا وأمثاله من الشعراء الجاهليين كانوا نصارى وأن هذا التوحيد هو توحيد نصراني محض، وقف عليه عبيد في زيارته للحيرة مهد النصرانية في ذلك العهد، فاعتنقه، فهو على رأيه إذن شاعر نصراني، وشعره شعر نصراني لا يرد ولا يرفض.

ونجد "طفيل بن عوف" الغنوي يقسم بـ"الإله" في شعره. غير أن هناك رواية تضع "رضى" موضع "الإله" فيكون القسم به، ورضى اسم صنم كان لطيء١. وقد ذكر "الله"في مواضع أخرى من شعره، وقال إنه هو الذي يصلح الأمور، ويسد العجز والثُغر التي ليس في وسع الإنسان سدها٢.


١
"فقال بصير يستبين رعالها ... هم والإله من تخافين، فاذهبي
ويُروى، ولعلها رواية أبي عبيدة:
وقال بصير قد أبان رعالها ... فهي ورضى من تخافين، فاذهبي
ورضى اسم صنم كان لطيء، ديوان طفيل بن عوف الغنوي "تحقيق ف. كرنكو"
"لندن ١٩٢٧"، "ص١٢".
٢
لعمري لقد خلى ابن جيدع ثلمة ... فمن أين إن لم يرأب الله ترأب
ديوانه "ص١٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>