للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأنصاب؟ وهل نعد هذا الشعر صادرًا من شاعر واحد؟ نعم، يجوز أن يكون قاله هو. قاله لأنه كان يعتقد بوجود إله، فهو يؤمن به ويقر بوجوده، غير أن قسمه باللات والأنصاب، هو من باب عقيدة الجاهليين المؤمنين بوجود إله، ولكنهم كانوا يتقربون إليه بالأصنام والأوثان والأنصاب. ويتوقف هذا التفسير بالطبع على إثبات أن هذا الشعر له حقًّا، وليس مفتعلًا، ولا مما أدخل الرواة عليه تغييرًا أو تبديلًا.

ونجد في شعر النابغة الجعدي، أبو ليلى عبد الله بن قيس، الشاعر المخضرم المتوفى سنة "٦٥" للهجرة، قصيدة مطلعها:

والحمدُ للهِ لا شريك له ... من لَم يَقُلها فنفسه ظلما

يلي هذا المطلع قصة نوح والسفينة، وهي سفينة مصنوعة من خشب الجوز والقار. وفي هذه القصيدة اعتراف بالتوحيد، وبوجود إله واحد لا شريك له، لا يحمد إلا هو، وهو شعر لا يمكن أن يكون إلا من شعر شاعر مسلم، إن صح أنه من شعره، فيجب أن يكون مما نظمه في الإسلام.

وينسب إلى "لبيد" اعتقاده أن الله يبسط الخير والشر على عباده، وأنه منتقم ممن يخالفه، معاقب له، كما عاقب "إرما" و"تبعا"، وقوم "لقمان بن عاد"، و"أبرهة" وذلك في أبيات أولها:

مَن يَبسُطِ اللَهُ عَلَيهِ إِصبَعا ... بِالخَيرِ وَالشَرِّ بِأَيٍّ أولِعا

وهي رجز، يرى بعض العلماء أنها ليس من رجزه١.

ونجد معود الحكماء، وهو معاوية بن مالك بن جعفر، يذكر الله ويحمده، فيقول: "بحمد الله"، ويقول "عامر": أردت لكيما يعلم الله أنني ويقول: "خداش بن زهير": "وذكرته بالله بيني وبينه"٢.


١ ديوان لبيد "٣٣٧ وما بعدها".
٢ شرح ديوان لبيد، "ص٢١"، "المقدمة"، "تحقيق الدكتور إحسان عباس"، قيل له معود الحكماء لقوله:
أعود مثلها الحكماء بعدي ... إذا ما الحق في الأشياع نابا
تاج العروس "٢/ ٤٤٠"، "عود".

<<  <  ج: ص:  >  >>