للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب

بالله يدرك كل خير ... والقول في بعضه تلغيب

والله ليس له شريك ... علام ما أخفت القلوب١

ونراه يقول في المنايا:

فأبلغ بني وأعمالهم ... بأن المنايا هي الوارده

لها مدة فنفوس العباد ... إليها وإن كرهت قاصده

فلا تجزعوا الحمام دنا ... فللموت ما تلد الوالده٢

وفي كثير من مواضع شعره يذكر المنايا ويذكر الموت، ثم هو يتجلد ويتصبر في ملاقاة الشدائد والأهوال، وينصح الناس بالسير على هذا المنوال. والذي يقرأ شعره، يشعر أنه أمام رجل حضري رقيق عاطفي المزاج ذي نفس ميالة إلى التقشف والتصوف، مؤمن بالعدل، كاره للظلم، فهل كان عبيد على هذه الشاكلة؟ وهل هذا الشعر وخاصة ما جاء منه في البائية هو نظم من منظومه؟ أو هو من نظم من عاش بعده في الإسلام؟

ونجد "عمرو بن كلثوم" في جملة من آمن بالقضاء والقدر، وبأن الموت مقدر لنا، ونحن مقدرون له، وذلك في قوله:

وَإِنّا سَوفَ تُدرِكُنا المَنايا ... مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدَّرينا٣

وهو من المؤمنين بالله، الحالفين به. وذلك كما جاء في بيت شعر نسبوه إليه:

مَعَاذَ اللَهِ يَدعوني لِحِنثٍ ... وَلَو أَقفَرتُ أَيّاماً قُتارُ٤

وكما ورد في أشعار أخرى تنسب إليه.

والشاعر "لبيد" من هذه الطبقة التي اعتقدت أن الله خالق كل شيء،


١ البيان والتبيين "١/ ٢٢٦"، شعراء النصرانية، القسم الرابع "ص٦٠٧".
٢ شعراء النصرانية، القسم الرابع "٦٠٤ وما بعدها".
٣ التبريزي، شرح القصائد العشر "٣٨٤"، "البيت رقم ٧ من المعلقة"، شرح القصائد السبع للزوزني "١٤٦ وما بعدها"، جمهرة أشعار العرب "١٢٠".
٤ المحبر "٤٧١".

<<  <  ج: ص:  >  >>