للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب أن أضيف "القرى" أي الضيافة عليها أيضًا، لما لها من صبغة أخلاقية دينية، حتى صارت الضيافة من الواجبات المثبتة في نظام "مكة". وهي "الرفادة" أي تقديم الطعام لمن يحتاج إليه.

والمنحة عند العرب أن يعطي الرجل صاحبه المال هبة أو صلة فيكون له، أو أن يمنح الرجل أخاه ناقة أو شاة يحلبها زمانًا وأيامًا ثم يردها. وقد تقع على الأرض، وهي أن يعطي الرجل غيره أرضًا ليزرعها ويستفيد منها، هبة أو عارية١. ويظهر من الإشارة إليها في الحديث، أنها كانت من أعمال البر المعروفة عند أهل الجاهلية، وكانون يتقربون بها إلى آلهتهم.

ولم تحدد الوثنية الأشياء التي كان على الإنسان أن يتقدم بها إلى آلهته قربة إليها أو وفاء لنذر، بل تركت له الأبواب مفتوحة، فله أن يتقرب إلى أربابه بكل ما يختار ويشاء، من أمور بسيطة رخيصة إلى أشياء ثمينة غالية، كل حسب مقدوره وقابلياته. فنجد بين النذور مباخر وتماثيل ومصابيح، وأشياء نفسية من ذهب أو من جواهر. كما كانوا يتبركون بوضع حصونهم وبيوتهم وبساتينهم ومزارعهم في حرساة الآلهة ورعايتها؛ لتحفظها ولتحفظ أصحابها.

ويمكن تقسيم ما تقدم به الجاهليون إلى أربابهم إلى قسمين: قسم إجباري، يجب الوفاء به بسبب "نذر" مثلًا، وقسم تطوعي، أي اختياري مثل "المنح" والذبائح التي تقدم في المواسم وفي سائر الأيام، ويقال لها "ندب" و"ندبت" "ندبة". و"المندوب" في عربيتنا المستحب٢. وأدخل في القسم الأول ما يقال له "خطت" "خطات" "خطأه" أي "الخطيئة"٣. ويراد بها تقديم "فدية" عن عمل مخالف قام به إنسان، مثل تقديم ذبيحة بسبب دخول إنسان نجس في المعبد.

وإذا كنا في شيء من الجهل بالنسبة إلى الزكاة التي كان الناس يدفعونها في نجد أو العربية الشرقية أو في الحجاز إلى المعابد وإلى رجال الدين؛ لعدم وجود نصوص جاهلية تكشف النقاب عنها، فإن لنا بعض المعرفة عن الزكاة التي كان


١ تاج العروس "٢/ ٢٣٢"، "منح".
٢ تاج العروس "١/ ٤٨١"، "ندب".
٣ Ancient Israel ٤١٨-٤٢١, ٤٢٥, ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>