للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدمها أهل العربية الجنوبية إلى معابدهم، ظفرنا بها في الكتابات التي عثر عليها هناك، وقد وردت فيها إشارات إليها في نصوص تعرضت لها بالمناسبات.

وهذه الزكاة حصص عينية مقررة تدفع إلى المعبد على شاكلة الحصص التي تدفع إلى أصحاب الأرض والحكومة، تخزن في مخازن المعابد؛ لتصدر إلى الخارج، أو لتباع في الأسواق، أو ليصرف منها على المعابد ورجال الدين والمحتاجين. فكان القتبانيون مثلًا يدفعون عشر حاصلهم إلى المعبد، ويعرف ذلك عندهم بـ"عصم"١، تدفع هذه الضريبة عن حاصلات الأرض، وذلك في كل سنة. وقد عرفت هذه الضريبة بـ"عشر" عند المعينيين. وهي ضريبة تدفع أيضًا عن الحيوان إلى المعبد. وهذه الضريبة هي في الواقع من الضرائب العامة التي كانت تدفعها أمم أخرى عديدة إلى المعابد، وتستند إلى تقاليد تأريخية قديمة وإلى نظرية أن الأرض هي ملك للآلهة، فهي التي تنعم على الإنسان بالحاصل وبالخير وبالبركات، فعلى الإنسان تخصيص جزء من حاصله لتلك الآلهة. فإذا قصر إنسان في أداء ما عليه إلى الآلهة، تعرض للعقاب ولحرمان الآلهة إياه من البركة والخصب٢.

ويتبين من نصوص المسند أنه كانت في العربية الجنوبية أرضون واسعة مسماة بأسماء الألهة، أجرتها المعابد للرؤساء أو سلمتها إلى أيدي "الكبراء" لاستغلالها في مقابل أجر يدفعونه إلى المعبد يتفق عليه. وهذه الأرضون هي أوقاف حبست على الآلهة تعرف بـ"وتفم" "وتف"٣. ومن غلات هذه الأوقاف ومن "العصم" والنذور والهبات الأخرى ينفق على المعابد وعلى رجال الدين.

وقد ظهر في العربية الجنوبية نظام إقطاعي "كهنوتي"، أسياده رجال الدين، تولوا الإشراف على إدارة أملاك المعبد الواسعة وعلى استغلالها وإدارة شئونها، وجباية الأرضين التي يوقفها المؤمنون أصحابها على الآلهة، وعلى استحصال حقوق المعبد من المتمكنين. وقد أشير في كتابات المسند إلى أرضين واسعة كانت أوقافًا للمعابد، أجرت إلى سادات القبائل لاستغلالها في مقابل أجر اتفق عليه. ويظهر أن بعض أولئك السادات كانوا أقوياء وأصحاب نفوذ فاستولوا على "الحبوس".


١ السطر الثالث من النص الموسوم بـ: Kataba Texte, I, Glaser ١٦٠١
٢.Hastings, p. ٩٤٠
٣ Katab. Texte, II, s. ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>