للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في النصرانية، وتزندق منهم قوم، فقالوا بالثنوية"١.

والتعميم الذي يطلقه "اليعقوبي" وبقية المؤرخين والأخباريين في قولهم "وكانت العرب في أديانهم" لا يمكن التسليم به، إلا بالنسبة لأهل مكة ولمن كان يقصدهم من العرب. أما بالنسبة لجميع العرب، فهذا ما لا يمكن التسليم به.

وأما "الطلس" فقد وصفهم "محمد بن حبيب" بقوله إنهم: "بين الحلة والحمس: يصنعون في إحرامهم ما يصنع الحلة، ويصنعون في ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع الحمس. وكانوا لا يتعرون حول الكعبة، ولا يستعيرون ثيابًا، ويدخلون البيوت من أبوابها، وكانوا لا يئدون بناتهم، وكانوا يقفون مع الحلة ويصنعون ما يصنعون"٢. وهم سائر أهل اليمن، وأهل حضرموت، وعك وعجيب، وإياد بن نزار٣.

وذكر أن من الحجاج من كان يحج بغير زاد، وأن منهم من كان إذا أحرم رمى بما معه من الزاد، واستأنف غيره من الأزودة، وأن "قبائل من العرب يحرمون الزاد إذا خرجوا حجاجًا وعمَّارًا فنزل الوحي: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ٤، فأمر من لم يكن يتزود منهم بالتزود لسفره، ومن كان منهم ذا زاد أن يحتفظ بزاده فلا يرمي به٥. وقد عرف هؤلاء بـ"المتوكلة"؛ لتوكلهم على "رب البيت" في أطعام أنفسهم، واعتمادهم في ذلك على السؤال.

وقد ذكر علماء التفسير أن الآية: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} نزلت "في طائفة من العرب كانت تجيء إلى الحج بلا زاد، ويقول بعضهم: كيف نحج بيت الله ولا يطعمنا، فكانوا يبقون عالة على الناس، فنهوا عن ذلك، وأمروا بالزاد. وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره راحلة عليها زاد، وقدم عليه ثلاثمائة رجل من مزينة فلما أرادوا أن ينصرفوا قال: يا عمر زود


١ اليعقوبي "١/ ٢٢٦".
٢ المحبر "ص١٨١".
٣ المحبر "ص١٧٩"، الروض "١/ ١٣٣".
٤ البقرة الآية "١٩٧.
٥ تفسير الطبري "٢/ ١٦٢"، "أن قومًا كانوا يرمون بأزوادهم ويتسمون بالمتوكلة، فقيل لهم تزودوا من الطعام، ولا تلقوا كلكم على الناس"، تفسير الطبرسي "١/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>