للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاصة، وليس كل من كان يحج إلى مكة من الغرب، ولذلك كرهوا الطواف في الإسلام بالصفا والمروة. وقد استبدل الإسلام بالطواف السعي؛ لهدم الصنمين اللذين كان الناس يطوفون حولهما واكتفى بالسعي بين الموضعين.

وذكر بعض العلماء أن العرب عامة كانوا لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ولا يطوفون بينهما فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ١، أي لا تستحلون ترك ذلك٢. وذكر أن الأنصار كانوا يهلون لمناة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام قالوا: يا نبي الله إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيمًا لمناة، فهل علينا من حرج أن نطوف بهما، فأنزل الله الآية المذكورة. وكان أهل "تهامة" ممن لا يطوفون أيضًا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام ونزل الأمر بالطواف بالبيت، ولم ينزل بالطواف بين الصفا والمروة، قيل للنبي: إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة وإن الله قد ذكر الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة فهل علينا من جناح أن لا نطوف بهما. فنزل الوحي: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ، فصار الطواف بين الصفا والمروة لجميع الحجاج، لا كما كان في عهد الجاهلية. من اقتصاره على قريش وبعض العرب المتأثرين بهم. فكانوا يطوفون بهما ويمسحون بالوثنين إساف ونائلة، فلما جاء الإسلام تحرج بعض الناس وفيهم قوم من قريش من الطواف بينهما لأنهما من شعائر الجاهلية، فنزل الأمر به٣.

وذكر أهل الأخبار أن السعي بين الصفا والمروة. شعار قديم من عهد هاجر أم إسماعيل. وأما رمل الطواف، فهو الذي أمر به النبي، أصحابه في عمرة القضاء ليُري المشركين قوتهم، حيث قالوا: وهنتهم حمى يثرب٤.


١ البقرة، الآية ١٥٨.
٢ تاج العروس "٣/ ٣٠٤"، "شعر"، روح المعاني "٢/ ٤١"، تفسير القرطبي، الجامع "٢/ ١١٤"، الأزرقي "٧٤"، تفسير ابن كثير "١/ ١٩٨"، صحيح البخاري "١/ ٤١٤"، الموطأ "١/ ٣٧٣"، إرشاد الساري "٣/ ١٨٧".
٣ تفسير الطبري "٢/ ٢٧ وما بعدها"، الطبرسي "٢/ ٤٥"، ابن كثير "١/ ١٨١، ٢٠٠"، البخاري "١/ ٤١٤"، "باب ٧٩"، الموطأ، "١/ ٦٥٣"، "١/ ٣٧١"، "باب ٤٠".
٤ اللسان "١١/ ٢٩٥ وما بعدها"، "رمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>