للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم، ومعه زيد بن حارثة، وهما يأكلان من سفرة لهما، فدعواه لطعامهما، فقال زيد بن عمرو: يابن أخي: أنا لا آكل مما ذبح على النصب"١.

وورد خبر التقاء "زيد" مع رسول الله في رواية أخرى. يرجع رواتها سندها إلى "زيد بن حارثة". يذكرون أنه قال: خرجت مع رسول الله في يوم حار من أيام مكة، وهو مردفي، فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل، فحيا كل منا صاحبه. فقال النبي: "يا زيد مالي أرى قومك قد شنقوك؟ " فأجابه زيد، بأنه لا يهتم بذلك، وأنه خرج يبتغي دين الله، حتى قدم على أحبار خيبر، فوجدهم يعبدون الله ويشركون به. ثم سأل أحد الأحبار، وهو شيخ منهم عن الدين الذي يبتغيه، فقال له: ما نعلم أحد يعبد الله به إلا شيخًا بالحيرة، فخرج إليه. فلما كلمه قال له: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك قد بعث نبي، قد طلع نجمه. فعاد إلى مكة٢. ولو صح هذا الخبر لوجب أن يكون زيد قد أدرك مبعث الرسول. ولكن أهل الأخبار مجمعون على أنه توفي قبل المبعث. وأن الرسول نفسه قال عنه: "يبعث يوم القيامة أمة واحدة". وعلى الخبر سيماء الصنعة والتزويق.

ومروي عنه أن قومه كانوا إذا دعوه إلى وليمة، كان يأبى أن يأكل منها قائلًا: "إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه"٣. وهكذا كان يقاطع أكل لحوم الحيوانات التي تذبح للأصنام. ويشاركه في الامتناع عن أكل لحوم هذه الذبائح الأحناف الآخرون، فقد روي أن ورقة بن نوفل كان لا يأكل من لحوم هذه الذبائح أيضًا للسبب المذكور٤.

ويذكر أهل الأخبار أن "زيد بن عمرو بن نفيل" كان إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال: لبيك حقًّا حقًّا، تعبدًا ورقًّا، البر أرجو لا الحال، وهل مهجر لمن قال. ثم يقول:

عذت بما عاذ به إبراهيم ... مستقبل الكعبة وهو قائم٥


١ البداية "٢/ ٢٣٨، ٢٤٠".
٢ أسد الغابة "٢/ ٢٣١".
٣ البخاري "٥/ ٥٠".
٤ الأغاني "٣/ ١١٩".
٥ الأغاني "٣/ ١١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>