للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ترد كلمة "إبليس" في شعر منسوب لشاعر جاهلي آخر، إنما وردت كلمة "شيطان" في شعر منسوب إلى أمية بن أبي الصلت.

ونسب إلى عدي هذا البيت:

ناشدتنا بكتاب الله حرمتنا ... ولم تكن بكتاب الله تقنع١

ويظهر من دراسة الشعر المنسوب لعدي أنه كان على مذهب القائلين بالقضاء والقدر. فكل كائن خاضع لحكم القدر، يفعل به ما يشاء، ليس في إمكانه رد شيء مقدر كائن عليه. وقد رسخت هذه العقيدة في نفس عدي ولا شك بعد أن زج به في السجن، وأصبح وحيدا لا يدري ما الذي سيصنع به. وهي عقيدة يسلم بها أكثر من يقع في مثل هذه الظروف، لأنها تفرج عن النفس، وتخفف بعض التخفيف عما ينتاب المرء وهو في هذه الحالة من هموم وأحزان. والإيمان بالقدر وبأن الإنسان مسير مجبر، عقيدة لها صلة كبيرة بالظروف الاجتماعية وبالأحوال التي تحيط بالإنسان، وهي ليست من الآراء الدينية الخالصة.

ونسبت لعدي أبيات فيها حكايات من العهد العتيق، مثل هذه الأبيات وهي في مبدأ الخلق:

اسمع حديثا لكي يوما تجاوبه ... عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا

أن كيف أبدي إله الخلق نعمته ... فينا وعرفنا آياته الأولا

كانت رياحا وماء ذا عراثيه ... وظلمة لم يدع فتقا ولا خللا

فأمر الظلمة السوداء فانكشفت ... وعزل الماء عما كان قد شغلا

وبسط الأرض بسطا ثم قدرها ... تحت السماء سواء مثل ما فعلا

وجعل الشمس مصرا لا خفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا

قضى لستة أيام خلائقه ... وكان آخر شيء صور الرجلا٢

دعاه آدم صوتا فاستجاب له ... بنفخة الروح في الجسم الذي جبلا٣


١ شعراء النصرانية "٤٧٢".
٢
قضى لستة أيام خليقته ... وكان آخرها أن صور الرجلا
الحيوان "٤/ ١٩"، "عبد السلام محمد هارون".
٣ البدء والتأريخ "١/ ١٥٠ وما بعدها"، النصرانية "٢٥٤"، وتجد في النص بعض الاختلاف عن النص الذي تجد في كتاب النصرانية، وفي المراجع الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>