للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان رجال الدين، ولا سيما الرهبان منهم، يقومون بالفروض الدينية فرادى وجماعةن فيرتلون المزامير والأدعية بنغمات وألحان شجية. وقد عرف ترتيل القسيسي "الهينم"، وذلك في حالة النغم بخفوت الصوت١. وإذا طرب القس في صوته خفيا قيل لذلك "الزمزمة"٢. أما إذا تغنى، فيقال لذلك الشمعلة. وقد قيل للمتغنين في تلادة الزبور "المتشمعل". وورد: "شمعلة اليهود: قراءتهم، إذا اجتمعوا في فهرهم"٣. وأما إذا أطلق صوته بالدعاء فيقال لذلك الجأر٤. واللحون من الكلمات التي أطلقت على ترتيل أهل الكتاب لكتبهم المقدسة. فقد كانوا يقرؤون التوراة والإنجيل في المحافل باللحن. وقد أشير إلى ذلك في بعض الأحاديث٥. أما إذا ردد الشخص نغمات الإنجيل في حلقه، فكانوا يقولون له الترجيع، ومنه قولهم: رجع الإنجيل٦.

و"التصبيغ" من الألفاظ التي كانت تدل على معنى خاص عند النصارى، هو التعميد. وقد عرفه الجاهليون. وذكر علماء اللغة أن الصبغة الدين والملة والشريعة والفطرة والختانة. "اختتن إبراهيم، صلوات الله عليه، فهي الصبغة.


١ "الهيمنة: الصوت. وهو شبه قراءة غير بينة". وأنشد لرؤبة:
لم يسمع الركب بها رجع الكلم ... إلا وساويس هيانيهم الهنم
وفي حديث إسلام عمر، رضي الله عنه. قال: ما هذه الهينمة؟ قال أبو عبيدة: الهينمة: الكلام الخفي لا يفهم ... وفي حديث الطفيل بن عمرو: هينم في المقام. أي قرأ فيه قراءة خفية. وقال الليث:
ألا يا قيل ويحك قم فهينم
أي فادع الله"، اللسان "١٦/ ١٠٨"، تاج العروس "٩/ ١١١".
٢ "قال الجوهري: الزمزمة كلام المجوس عند أكلهم. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، كتب إلى أحد عمال في أمر المجوس: وإنههم عن الزمزمة. قال: هو كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خفي. وفي حديث قباث بن أشيم: والذي بعثك بالحق ما تحرك به لساني ولا تزمزمت به شفتاي. الزمزمة: صوت خفي لا يكاد يفهم"، اللسان "١٥/ ١٦٥".
٣ تاج العروس "٧/ ٣٩٩"، "اشمعل".
٤ "جأر يجأر جأرا وجؤرا: رفع صوته مع تضرع واسغاثة ... وقال ثعلب: هو رفع الصوت إليه بالدعاء. وجأر الرجل إلى الله عز وجل إذا تضرع بالدعاء. وفي الحديث: كأني أنظر إلى موسى له جؤار إلى ربه بالتلبية. ومنه الحديث الآخر: لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله"، اللسان "٥/ ١٨١".
٥ النهاية في غريب الحديث "٤/ ٥٧"، معجميات "٤٢ وما بعدها"، تاج العروس "٩/ ٣٣٠"، اللسان "١٧/ ٢٦٣".
٦ اللسان "٩/ ١٧٢"، النصرانية "٣٥٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>