للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"منطق الطير". وقد كان "سليمان" يحادث الطير١. فإذا كانت الطير على هذه الصفة، ففي حركاتها وسكناتها منطق لمن لا يحسن منطقها، يشير إلى ما يجب على الإنسان أن يفعله أو يتركه من أعمال.

وقد كان للتطير والتفاؤل شأن كبير في حياة الجاهليين. كما كان لهما مثله في حياة شعوب أخرى عديدة: ومن بينهم اليونان والرومان والفرس. والتطير هو نظير التشاؤم في المعنى كما قلت. أما نظير الطيرة وقعت لبعض القبائل عند إقدامها على الحرب، فخسرت لتطيرها، ويحدث من التطير النحس، وأما من التفاؤل فيكون السعد.

وفي الأخبار: "كانت العرب إذا خرج أحدهم من بيته غاديا في بعض الحاجة، نظر: هل يرى طائرا يطير، فيزجر سنوحه أو بروحه، فإذا لم ير ذلك، عمد إلى الطير الواقع على الشجر، فحركه ليطير، ثم نظر إلى أي جهة يأخذ، فزجره. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أقروا الطير على مكناتها: لا تطيروها ولا تزجروها"٢. وذكر "إنهم كانوا في الجاهلية إذا خرج أحدهم لحاجة، فإن رأي الطير طار عن يمينه تيمن به واستمر، وإن طار عن يساره تشاءم به ورجع، وربما كانوا يهيجون الطير، ليطير فيعيدون ذلك"٣.

وقد أبطل الرسل الطيرة. "وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يتفاءل ولا يتطير. وأصل الفأل الكلمة الحسنة يسمعها عليل، فيتأول منها ما يدل على برئه، كأن سمع مناديا نادى رجلا اسمه سالم، وهو عليل، فأوهمه سلامته من علته، وكذلك المضل يسمع رجلا يقول يا محمد يا واجد، فيجد ضالته. والطيرة مضادة للفأل. وكانت العرب مذهبها في الفأل والطيرة واحد. فأثبت النبي الفأل واستحسنه وأبطل الطيرة ونهى نها"٤.

وروي أن أهل الجاهلية كانوا يقولون: "إن الطيرة في المرأة والدار والدابة"٥


١ Ency. ReIigi,. ٤, p. ٨٠٨.
٢ جامع الأصول "٨/ ٤٥٨".
٣ إرشاد الساري "٨/ ٣٩٦".
٤ تاج العروس "٣/ ٣٦٤ وما بعدها".
٥ أمالي المرتضى "٢/ ٢٠٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>