للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشعره على غيره؛ لينشد أمامه شعره، فيحكم على شعره برأيه؛ لما لرأيه من أثر في الناس. وكان الشاعران الأعشى وحسان بن ثابت ممن احتكما إليه وكذلك الشاعرة الخنساء١.

وممن حضر عكاظ: الخطيب الجاهلي الشهير "قس بن ساعدة الإيادي" "شيشرون" العرب، وعمرو بن كلثوم التغلبي, الشاعر المعروف٢. ويذكر أهل الأخبار أن الرسول رأى "قس بن ساعدة الإيادي" يخطب في هذه السوق, وقد قصد الرسول سوق عكاظ وسوقي مجنة وذي المجاز، يدعو من كان يحضر المواسم إلى دين الله. وقيل: إنه مكث سبع سنين يتبع الناس في مواسمهم في سوق عكاظ، وكان فيمن كلمهم ودعاهم إلى الإسلام "بنو عامر بن صعصعة"٣.

وحال الأسواق الأخرى مثل حال سوق عكاظ, من حيث ورود الشعراء إليها لعرض ما عندهم من شعر جديد، والظاهر أن قرب سوق عكاظ من مكة، وورود الحجاج إليها قبل البدء بالحج، ثم ورود اسمها في أخبار الرسول، ولكونها سوق مكة وتجار قريش، ووقوعها في أرض يتكلم أهلها باللغة التي نزل بها الوحي، هذه الأسباب وغيرها هي التي خلدت اسم هذه السوق، وربطت بينها وبين الشعر والنثر، أكثر من الأسواق الأخرى التي كانت بعيدة عن مكة، وبعيدة لذلك عن ذاكرة أهل الأخبار.

هذا, وإن للباحثين في موضع سوق عكاظ آراء متباينة فيه, ولا زالت هذه الآراء متباينة فيه حتى اليوم٤.

هذا، وقد كان موضع عكاظ في الأصل مكانًا مقدسًا على ما يظهر من أخبار أهل الأخبار؛ فقد ذكروا أن العرب كانت تطوف بصخور كانت هناك ويحجون إليها، وكانوا يذبحون وينحرون إلى تلك الأصنام والأنصاب, حتى تلطخت تلك


١ الأغاني "٩/ ١٥٦" "مطبعة التقدم"، شعراء النصرانية "٥/ ٦٤٠".
٢ الأغاني "٩/ ١٧٦".
٣ البكري "٥/ ٢٥٩ وما بعدها"، ابن كثير, البداية "٣/ ١٤١".
٤ لسان العرب "٧/ ٤٤٧"، معجم، البكري "٣-٤/ ١٩٦"، البلدان "٣/ ٧٠٤"، القاموس "٢/ ٣٩٦"، تاج العروس "٥/ ٢٥٥"، مراصد الاطلاع "٢/ ٩٥٣"، شرح ديوان الحماسة "٣/ ١٥١٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>