للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قال: "لا ربا في الحيوان، وإنما نهي عن الحيوان عن ثلاث؛ عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة"، فالملاقيح: ما في ظهور الجمال، والمضامين: ما في بطون الإناث. وورد العكس، أي: الملاقيح: ما في بطون الإناث، والمضامين: ما في أصلاب الجمال, وكانوا يتبايعون أولاد الشاء في بطون الأمهات وأصلاب الآباء١.

و"الرجع": أن تباع الذكور ويشترى بثمنها الإناث, وقيل: بيع الإبل بعد الارتجاع منها. و"الرجعة: إبل تشتريها الأعراب ليست من نتاجهم, وليست عليها سماتهم", و"الراجعة: الناقة تُباع ويُشترى بثمنها مثلها", والرَّجِيعة: بعير ارتجعته، أي: اشتريته من أجلاب الناس، ليس هو من البلد الذي هو به. وكانوا يربحون من بيع الذكور وشراء الإناث بثمنها؛ لأن الإناث تلد، فيكثر عندهم المال. "قيل لقوم من العرب: بِمَ كثرت أموالكم؟ فقالوا: أوصانا أبونا بالنجع والرجع", فالنجع: طلب الكلأ، والرجع: أن تباع الذكور ويشترى بثمنها الإناث٢, وبذلك يكثرون أموالهم.

وتدخل في البيوعات الجاهلية بيع الرجل ما ليس عنده، وهو يتضمن نوعًا من الغرر، فإنه إذا باعه شيئًا معينًا وليس في ملكه, ثم مضى ليشتريه ويسلمه له كان مترددًا بين الحصول وعدمه، فكان غررًا يشبه القمار فنهى الإسلام عنه٣. وبيع المعدوم لا يدري يحصل أو لا يحصل ولا ثقة لبائعه بحصوله بل يكون المشتري منه على خطر، فإن البائع إذا باع ما ليس في ملكه ولا له قدرة على تسليمه ليذهب ويحصله ويسلمه إلى المشتري كان ذلك شبيهًا بالقمار والمخاطرة من غير حاجة بهما إلى هذا العقد ولا تتوقف مصلحتهما عليه؛ لهذا منع الشارع بيعه، لا لكونه معدومًا بل لكونه غررًا٤.

وقد نهى الإسلام عن بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه, فورد أن الرسول نهى عن أن يستام الرجل على سوم أخيه٥. وكان أهل الجاهلية يستامون بعضهم على بعض بما في ذلك استيام الإخوة، فنهى عنه، لما قد يحدث هذا الاستيام من فرقة واختلاف بين الإخوة.


١ تاج العروس "٢/ ٢١٦"، "لقح"، "٩/ ٢٦٦"، "ضمن".
٢ المخصص "١٠/ ٢٥٢"، تاج العروس "٥/ ٣٥٢"، "رجع".
٣ زاد المعاد "٤/ ٢٦٢".
٤ زاد المعاد "٤/ ٢٦٣".
٥ صحيح مسلم "٥/ ٣ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>