للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونهى الإسلام عن التلقي للركبان، أي: عن تلقي البيوع والسلع حتى تبلغ الأسواق. وقد ورد في الحديث: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقَّاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار"؛ وذلك لأن من تلقاهم يكذب في سعر البلد ويشتري بأقل من ثمن المثل وهو تغرير١. وقد نهي عن بيع الحاضر للبادي, وذلك بأن يكون له سمسار ليكسب منه، أو أن يطلب الحاضر من البادي أن يترك متاعه عنده حتى يبيعه بسعر أغلى؛ وذلك لما في هذا البيع من تغرير ومن ضرر يصيب الناس٢.

ونهى الإسلام عن بيوع أخرى من بيوع الجاهلية، منها بيع "الغرر"، ويراد به البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان، وهو بيع المخاطرة, وهو الجهل بالثمن أو المثمن أو سلامته أو أجله. ومن ذلك بيع العبد الآبق الذي لا يقدر على تسليمه والفرس الشارد والطير في الهواء وبيع السمك في الماء، وكبيع ضربة الغائص وما تحمل شجرته أو ناقته وما يرضى له به أو يهبه له أو يورثه إياه ونحو ذلك مما لا يعلم حصوله أو لا يقدر على تسليمه أو لا يعرف حقيقة مقداره، فهو بيع شيء مجهول٣. وقد كانت من البيوع الشائعة بين الجاهليين تفنّنًا في الغش، وفي الكسب من أي طريق كان.

وقد عرفوا بيعة الغائص، بأن يقول الغائص في البحر للتاجر: أغوص غوصةً، فما أخرجت فهو لك بكذا، فيتفقان على ذلك. وقد نهي عنه؛ لأنه غرر٤.

ومن البيوع الجاهلية: "الجس"، وهو بيع عُرف بسوق صنعاء. فإذا تعاقد شخصان على سلعة، ووافقا على البيع، جس أحدهما يد الآخر، علامةً على صحة البيع٥.

ومنها: "السرار", فإذا وجب البيع وعند التاجر إلف ممن يريد الشراء ولا يريده، أشركه في الربح٦.


١ صحيح مسلم "٥/ ٥".
٢ صحيح مسلم "٥/ ٦".
٣ عمد القاري "١١/ ٢٦٢ وما بعدها"، جامع الأصول "١/ ٤٤١ وما بعدها"، زاد المعاد "٤/ ٢٦٦"، صحيح البخاري "٢/ ٨٧"، "كتاب البيوع".
٤ تاج العروس "١/ ٣٥٠"، "ضرب".
٥ المحبر "ص٢٦٦"، الأزمنة والأمكنة، للمرزوقي "٢/ ١٦٤".
٦ المحبر "ص٢٦٧"، الأزمنة والأمكنة، للمرزوقي "٢/ ١٦٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>