للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك نوع من البيوع يقال له: "الجزاف"، وهو أخذ الشيء بالحدس, بلا كيل ولا وزن ولا عدد١.

وقد عرف "بيع المزايدة" عند الجاهليين كذلك٢. وهو أن يعرض ما يراد بيعه للبيع فيتزايد من يريد شراءه على ثمنه، حتى يقف على آخر من يقدم أكبر سعر له٣.

ومن البيوع بيع "العينة"، أن يشتري التاجر بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم ويقبضه ثم يبيعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراه إلى أجل مسمى، ثم يبيعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن الذي اشتراها به، فهذه عينة, وسميت عينة لحصول النقد لطالب العينة. وذكر أن العينة، إذا باع التاجر من رجل سلعته بثمن معلوم إلى أجل معلوم، ثم اشتراها منه بأقل من ذلك الثمن الذي باعها به, وللفقهاء كلام في هذا البيع٤. وقد كانوا يربحون من "العينة"، قال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام, وكان من سادة قريش: "اغد غدًا إلى السوق، فخذ لي عينة"، فغدا ابنه فتعين من السوق عينة لأبيه, ثم باعها، فأقام أيامًا، ما يبيع في السوق طعاما ولا زيتا غير ابنه من تلك العينة, وربح منها ربحًا طيبًا٥.

وقد كان في جملة البيوع التي نهى عنها الرسول، بيع حاضر لبادٍ، والبادي هو الذي يكون في البادية، مسكنه المضارب والخيام، والحاضر ساكن الحضر، وصورة البيع للبادي أن يقدم غريب من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه، فيقول له بلدي: اتركه عندي؛ لأبيعه لك على التدريج بأغلى منه, أو أن تشتري السلع من الأعراب الوافدين على القرى وهم في طريقهم إلى السوق وأماكن البيع بأثمان بخسة، ثم عرضها في السوق وإغلاء أثمانها فيها، أو تشرى السلع منهم وهي في السوق, وعرضها مرة أخرى للبيع؛ لكسب الفرق بين السعرين. وقد نهى الإسلام عن هذا البيع؛ لما فيه من احتكار وإضرار بالمصلحة العامة، ليكتسب


١ شمس العلوم "ج١ ق٢ ص٣٣٠".
٢ القسطلاني "٤/ ٦١ وما بعدها".
٣ اللسان "٣/ ١٩٩".
٤ تاج العروس "٩/ ٢٩١"، "عين".
٥ كتاب نسب قريش "٣٠٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>