للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي يلي جزر الجزور وطبخها. قال مُهلهل:

إنا لنضرب بالصوارم هامها ... ضرب القدار نقيعة القدَّام١

وعرفت البرمة بقولهم: البرمة: قدر من حجارة, والجمع: برم وبرام. وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن٢.

ويطلق على الحجارة التي تنصب عليها القدر الأثافي، واحدتها: أثفية، وعلى المسافة بين أثافي القدر التي يجتمع فيها الحجر "الرَّبعة"٣.

وطعام ابن البادية طعام محدود؛ لضيق أرضه وسذاجة حياته. أما الحضر، ولا سيما أصحاب الحضارة ومن كان منهم على اتصال بالروم والفرس، فكانت أطعمتهم متعددة متنوعة، فيها تفنن ومهارة في الطبخ. وقد يبقى الأعرابي مدة لا يذوق فيها طعامًا مطبوخًا باللحم؛ لأن اللحم نادر في البادية، إلا إذا جاء ضيف فنحر له، أو وقع له صيد. ولهذا أكل بعضهم الضباء والأرانب والحيوانات الأخرى التي تقع أيديهم عليها؛ لحاجتهم إلى اللحوم، وأكلوا الجراد. والأغلب شيُّ لحوم الصيد؛ لسهولة ذلك.

أما الحضر وسادات القبائل وذوو اليسار، فكانوا يطبخون. وقد وردت أسماء بعض أطعمتهم في الشعر وفي الحديث النبوي، ومنها الثريد, وهو لحم مقطع يغلى في الماء، وقد يوضع البصل معه أو مادة أخرى، وبعد نضجه يثرد خبز ويلقى اللحم والمرق عليه، فيسمى الأكل ثريدًا. وقد كان من الأكل الطيب المحبوب, وقد ذكر في كتب الحديث, ويقدم في الولائم وللضيوف. والخبز ممدوح عند العرب؛ ولذلك مدح هاشم حين هشم الخبز, والثريد عام في الأشراف، يقدمونه للناس، ويرون أكل الخبز سببًا في صفاء العقل؛ ولهذا ذكروا أن كسرى مدحه، حينما سمع حديث هوذة بن علي الحنفي معه. فلما رأى رجاحة عقل هوذة وحسن ذكائه، قال له: "ما غذاؤك ببلدك؟ قال: الخبز. فقال كسرى: هذا عقل الخبز، لا عقل اللبن والتمر. ويقال: إن عبد الله بن حبيب العنبري كان يعاف التمر، ولا يرغب في اللبن، ولا يأكل


١ اللسان "٥/ ٨٠".
٢ اللسان "١٢/ ٤٥".
٣ المخصص "١١/ ٣٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>