للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستغاثة في ساعة الحاجة والضرورة؛ ولهذا كان للتزاوج عند العرب أهمية كبيرة في السياسة. ومن هنا نظر سادات القوم والملوك إلى التزوج من بنات سادات القبائل الكبيرة نظرة سياسية في الدرجة الأولى؛ وذلك لشد عضدهم ولتثبيت ملكهم ولضبط القبائل، وبضبطها يستتبُّ الأمن وينتصر على الأعداء. وقد كان لزواج معاوية في الإسلام من "كلب" أثر كبير في السياسة الأموية, وفي تثبيت ملكه وملك ابنه يزيد وملك مروان الذي انتصر بهم في معركة "مرج راهط" على القيسيين.

وعلى الرغم من التسجيل المذكور الذي كان للعطاء، أي: لأغراض حكومية رسمية، فإن أنساب القبائل لم تثبت ولم تستقرَّ إلا بعد ذلك بأمدٍ. وآية ذلك ما نجده من خروج قبائل في العصر الأموي من نسب قديم، ودخولها في نسب آخر جديد. وقد كان شروع النسابين في تسجيل علمهم وتدوينه، مما ساعد كثيرًا ولا شك في تثبيت هذه الأنساب وإقرارها، ولا سيما أنساب القبائل المشهورة المعروفة, وقد وصلت بعض كتب الأنساب، وطبع قسم منها.

وقد وضع بعض المؤلفين، مثل الواقدي أبي عبد الله محمد بن عمر المتوفى سنة "٢٠٧هـ" مؤلفًا في "وضع عمر الدواوين, وتصنيف القبائل ومراتبها وأنسابها"١، إلا أنها ضاعت، فحرمنا الاستفادة منها، ولو بقيت مثل هذه المؤلفات إذن لكان لنا علم قيم, ورأي في كيفية تصنيف القبائل في تلك الأيام.

وقد كان بعض النسابين قد تخصص بنسب جماعة من العرب، جماعة قومه ومن يرتبط بهم في الغالب, مثل "الزبير بن بكَّار" صاحب كتاب "نسب قريش وأخبارها"٢، ومثل "عقيل بن أبي طالب"، وكان قد تخصص بنسب قريش، ومثل "أبي الكناس الكندي"، وكان أعلم الناس بنسب كندة، ومثل "النجار بن أوس العَدْواني"، وكان من أحفظ الناس لنسب "معد بن عدنان"، ومثل "عدي بن رثاث الإيادي"، وكان عالما بإياد، ومثل "خراش بن إسماعيل العِجْلي"، وكان عالما بنسب ربيعة٣. وعن هؤلاء وأمثالهم


١ الفهرست "ص١٥٠".
٢ الفهرست "ص١٦٦".
٣ الفهرست "ص١٤٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>