للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عدنان، ولا تهجم شعراء عدنان على قبائل اليمن المنتمية إلى قحطان، ولا أريد أن أنكر افتخار اليمانيين بانتسابهم إلى اليمن، ولا افتخار العدنانيين بانتسابهم إلى عدنان أو مضر أو معد أو غير ذلك من أسماء الشعوب والأجذام، لا أريد أن أنكر شعر "امرئ القيس" في افتخاره بنسبه في اليمن١، ولا أن أنكر شعر غيره من الشعراء اليمانيين أو الشعراء العدنانيين في الافتخار باليمن أو بمضر أو بمعد, ولكنني لا أريد أن أنكر في الوقت نفسه افتخار القبائل القحطانية بعضها على بعض، وافتخار القبائل العدنانية بعضها على بعض، وهجاء القبائل القحطانية بعضها لبعض، وهجاء القبائل العدنانية بعضها لبعضها هجاء لا يقل عن هجاء اليمن لمعد أو هجاء معد لليمن. فهل يصح أن يتخذ هذا الهجاء سببًا لوضع نظرية في اختلاف أجناس هذه القبائل؟ وهل يصح أن نجعل هذا الهجاء حجة على تباين أصل القحطانيين، وعلى تباين أصل العدنانيين؟ إن جاز ذلك، وجب علينا إذًا إعادة النظر في كل ما هو مكتوب عن أصول القبائل, وفي كل ما هو مدون في كتب النسب والأخبار.

هذا "سلامة بن جندل السعدي"، وهو من مضر، يحمل في شعره على معد، ويهجوها هجاءً مرًّا٢، وهذا "قيس بن الخطيم" لسان الأوس يحمل على الخزرج، ويردد ذكريات الأيام التي كانت بين الأوس والخزرج بمثل الشدة التي تجدها في شعر الهجاء الذي قاله العدنانيون في القحطانيين، والقحطانيون في العدنانيين. إنه ذكر تلك الأيام لا لمجرد الفخر والتباهي، بل ليثير في نفوس الأوس الأحقاد القديمة، وليزيد في تلك النيران نيرانًا. لقد ذكرهم بـ"يوم الربيع"٣، وذكرهم بـ "يوم السرارة"٤، وذكرهم بـ "يوم مضرس


١"إنا معشر يمن"، Muh. Stud. Bd. I, S. ٨٩.٢
همت معد بنا همًّا فنهنهها ... عنا طعان وضرب غير تذبيب
بالمشرفي ومصقول أسنتها ... صم العوامل صدقات الأنابيب
المفضليات "ص٢٣٧".
وقال الجميع الأسدي:
سائل معدًّا من الفوارس لا ... أوفوا بجيرانهم ولا غنموا
المفضليات "ص٤٥".
٣ شعر قيس "ص٧".
٤ شعر قيس "ص٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>