تلك الشواخص أو نحتها. فقد حرص صانعها على أن تكون معبرة عن المناسبة التي عملت من أجلها على أكمل وجه. وأكملها برموز وإشارات دينية لها صلة وعلاقة بالحياة الثانية, وتزيد في فوائد هذه الشواخص بالنسبة لعمل الباحث, التماثيل التي وضعت مع الميت في قبره, لتعبر عنه. فهي تعبير آخر عن هذا الشعور المؤسف في شكل آخر من أشكال الفن.
وقد كانت العادة آنذاك, دفن تماثيل مع الموتى, أو صورًا محفورة على الصخر, فقد عثر في مصر وفي الحجاز وفي بلاد الشأم على مثل هذه التماثيل مدفونة في القبور, على مقربة من الأجداث. بعضها تماثيل رجال وبعضها تماثيل أطفال, ومن النادر تماثيل نساء, ولعل ذلك بسبب النظرة الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك العهد, من إعطاء الأولوية للرجل في المجتمع ثم للأولاد الذكور.
ونرى في هذه الصورة رأس رجل عربي جنوبي, حفر النحات عيني الرجل حفرًا, وجعلها واسعة, فبدتا وكأنهما قلعتا, وأوصل اللحية بشعر الرأس, حتى أحاط الشعر بالرأس والوجه, وصار كأنه هالة. أما الفم, فصغير مفتوح, ولم يتمكن النحات من حفره حفرًا يقارب الطبيعة, ولم يتمكن كذلك من إبراز معالم الأنف. أما الجبين فأملس, وأما الوجنتان, فملساوان كذلك, وأما الحجر المنحوت, فمن الرخام.
يوجد صورة يراد سحبها على الاسكانر.
وإذا قارنت هذا التمثال والتماثيل العربية الجنوبية بالتماثيل اليونانية, أو بالتماثيل اليونانية التي عثر عليها في جزيرة "فيلكا" في الكويت, تجد فرقًا عظيمًا من النواحي الفية, فالفنان اليوناني له إدراك عظيم للقيم الفنية, له قدرة عظيمة على