للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا محمد للذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى والأميين، الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب أأسلمتم ... "١. وذهب كثير من المفسرين إلى أن الأميين الذين لا كتاب لهم، أي: الذين ليسوا يهودًا ولا نصارى. وورد: "أن النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- كان يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم"٢. قال الطبري: "وكان النبي -صلى الله علية وسلم- يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، ففرح الكفار بمكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب"٣. فالمسلمون أهل كتاب، والمجوس أميون كمشركي مكة وبقية العرب المشركين، لا لكونهم لا يقرءون ولا يكتبون، بل لأنهم لم يؤمنوا بالتوراة والإنجيل.

ويلاحظ أن الآية: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ} ٤، والأية: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} ٥؛ والآية: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} ٦، وكذلك: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} ٧، لا تؤدي معنى الأمية، بمعنى الأمة الجاهلة بالقراءة والكتابة، لعدم انسجام التفسير مع المعنى، وإنما تؤدي معنى وثنية، أي: أمة لم تؤمن بكتاب من الكتب السماوية، أي: في المعنى المتقدم.

"والأمي والأمان –بضمهما –من لا يكتب أو من هو على خلقة الأمة لم يتعلم الكتاب، وهو باقٍ على جبلته. وفي الحديث: "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب". أراد أنه على أصل ولادة أمهم، لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جبلتهم الأولى.


١ تفسير الطبري "٣/ ١٤٣".
٢ روح المعاني "٢١/ ١٧ وما بعدها"، "كان المسلمون يحبون أن تغلب الروم أهل الكتاب، وكان المشركون يحبون أن يغلب أهل فارس لأنهم أهل أوثان"، وتفسير الطبري "٢١/ ١٢ وما بعدها".
٣ تفسير الطبري "٢١/ ١٣".
٤ آل عمران، الرقم٣، الآية ٢٠.
٥ آل عمران، الرقم٣، الآية ٧٥.
٦ البقرة، الرقم٢، الآية ٧٨.
٧ الجمعة، الرقم٦٢، الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>