للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السين فيه"١، فهل يعقل صدور هذا الوصف، وهذه التسمية للحروف، وهذه المصطلحات من رجل أمي، لا يقرأ ولا يكتب. وقد روى الرواة هذين الحديثين مع تعارضهما لأقوال العلماء، ورووا أيضًا أن "أبا ذر" الغفاري سأل الرسول: "يا رسول الله، كل نبي مرسل بمَ يُرسل؟ قال: بكتاب منزل. قلت: "يا رسول الله، أي كتاب أنزل على آدم؟ قال: اب ت ث ج إلى آخره. قلت: يا رسول الله، كم حرف؟ قال: تسعة وعشرون. قلت: يا رسول الله، عددت ثمانية وعشرين، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى احمرت عيناه، ثم قال: "يا أبا ذر، والذي بعثني بالحق نبيًّا! ما أنزل الله تعالى على آدم إلا تسعة وعشرين حرفاً". قلت: يا رسول الله، فيها ألف ولام. فقال عليه السلام: "لام ألف حرف واحد، أنزله على آدم في صحيفة واحدة، ومعه سبعون ألف ملك. من خالف لام ألف، فقد كفر بما أنزل على آدم! ومن لم يعدّ لام ألف فهو بريء مني وأنا بريء منه! ومن لا يؤمن بالحروف، وهي تسعة وعشرون حرفًا لا يخرج من النار أبدًا" ٢. وبعد فهل نقبل بحديث من هذا النوع، وكل ما فيه يطعن في صحته!

ويظهر صراحة من الآية: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ٣، أن مرادها من الأميين, ليس الجهل بالكتابة والقراءة, وإنما العرب الذين لم يكن عندهم كتاب منزل من السماء. ودليل ذلك ما أورده "الطبري" في تفسيرها من أقوال وروايات. فقد قال: "والأميون هم العرب", قال "قتادة": " {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} . قال: كان هذا الحي من العرب أمة أمية ليس فيها كتاب يقرءونه فبعث الله نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رحمة وهدى يهديهم به وقال: "كانت هذه الأمة أمية لا يقرءون كتابًا وقال: "إنما سميت أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- الأميين؛ لأنه لم ينزل عليهم كتابًا وقوله: " {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} . يقول ويعلمهم


الجامع الصغير "٨٣٥"، حكمة الإشراق "٦٧".
٢ صبح الأعشى "٣/ ٧".
٣ الجمعة, الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>