للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الله وما فيه من أمر الله ونهيه وشرائع دينه، {وَالْحِكْمَة} يعني بالحكمة السنن". وقال: "ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة أيضًا، كما علم هؤلاء. يزكيهم بالكتاب والأعمال الصالحة ويعلمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأولين"، وقال في تفسير "وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. يقول تعالى ذكره، وقد كان هؤلاء الأميون من قبل أن يبعث الله فيهم رسولًا منهم في جور عن قصد السبيل وأخذ على غير هدى مبين. يقول: يبين لمن تأمله أنه ضلال وجور عن الحق وطريق الرشد"١. وقال "ابن كثير في تفسيرها: "وذلك أن العرب كانوا قديمًا متمسكين بدين إبراهيم الخليل -عليه السلام- فبدلوه وغيروه وقلبوه وخالفوه، واستبدلوا بالتوحيد شركًا وباليقين شكًّا ... فبعث الله محمدًا -صلوات الله وسلامه عليه- بشرع عظيم كامل لجميع الخلق، فيه هدايته والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم"٢. وقال "القرطبي": قال ابن عباس: الأميون العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب؛ لأنهم لم يكونوا أهل كتاب"٣. فالأميون إذن هم العرب؛ لأنهم كانوا أهل شرك، وليس لهم كتاب، وليس للفظة صلة بالأمية التي تعني الجهل بالقراءة والكتابة.

وأما حديث: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب. الشهر هكذا وهكذا: مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين" ٤. وقد نسب سنده إلى "ابن عمر"، فحكمه حكم الحديث السابق، وقد فسر الحساب، بأنه حساب النجوم وتسييرها، لا الجهل بالحساب.

وقد ذهب "شبرنكر" إلى أن الرسول كان يقرأ ويكتب، وأنه قرأ "أساطير الأولين"٥، و "شبرنكر" من المستشرقين العاطفيين، الذين يأخذون بالخبر، مهما كان شأنه فيبني حكمًا عليه.

وقد ذهب بعض المستشرقين إلى أن المقصود من الأميين هنا الوثنيون. وأن الأمية هذه أخذت من اليهود الذين كانوا يطلقون لفظة "امت" و"اميم"


١ تفسير الطبري "٢٨/ ٦١ وما بعدها".
٢ تفسير ابن كثير "٤/ ٣٦٣".
٣ الجامع لأحكام القرآن "١٨/ ٩١".
٤ إرشاد الساري "٣/ ٣٥٩".
٥ "Noldeke, I, s. ١٦, Ency of Islam, Vol. IV, p. ١٠١٦.".

<<  <  ج: ص:  >  >>