للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا أمهر من الفرس، ولهم دولة كبرى. فقال أحدهم، وهو أبو العباس الناشئ:

وتخلط يونانًا بقحطان ضلَّةً ... لَعَمْرِي لقد باعدت بينهما جِدَّا١

وأضاف القحطانيون الأتراك إليهم أيضا، فزعموا أن معظم أجناس الترك وهم "التبت" من حمير، وأن التبع "شمر يرعش" أو تبعًا آخر رتبهم هناك، وأن "شمر يرعش" هو الذي أمر ببناء "سمرقند"، إلى غير ذلك من أقوال لا ترضي العدنانيين بالطبع، وفي ذلك يقول "دعبل بن علي الخزاعي" في قصيدته التي يرد بها على "الكميت"، وفخر فيها بمن سلف من ملوكهم وسير في الأرض، وأن لهم من الفضل ما ليس لمعد بن عدنان، فقال في شعره:

همو كتبوا الكتاب بباب مَرْوٍ ... وباب الصين كانوا الكاتبينا

وهم جمعوا الجموع بسمرقند ... وهم غرسوا هناك التبتينا٢

وأضافوا "الضحاك" إليهم، وصيروه من "الأزد"، والأزد من اليمن، فهو يماني إذن أصيل٣. و"الضحاك" هو "بيوراسب" عند أهل الأخبار, وقد ملكوه ألف سنة, وهو بطل أسطوري عند الفرس٤. وقد أخذ أهل الأخبار "ضحاكهم" هذا من "إسحاق"، كما أخذ العدنانيون "ويزكهم" من "إسحاق" فصيروه "منشخر" على نحو ما ذكرت, وقد قلت: إن معنى "إسحاق" في العبرانية الضحاك. فالقحطانيون فعلوا هذا فعل العدنانيين، لجئوا إلى إسحاق فصيروه "الضحاك"، وبدلا من أن يقولوا: إنه "ويزك" من اسم "إسحاق" في العبرانية أخذوا معنى الاسم فصيروه اسما عربيا هو الضحاك, وجعلوه قحطانيا من الأزد.

وكان كل فريق يرد على مزاعم الفريق الآخر، حين يضيف إليه أمة من الأمم. فلما ادعى العدنانيون أنهم هم والإسرائيليين والأعاجم من نسب واحد،


١ مروج الذهب "١/ ١٧٨"، ابن خلدون "٢/ ١٨٤".
٢ مروج الذهب "١/ ٣٠٠".
٣ مروج الذهب "ص٧٦".
٤ التنبيه "ص٧٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>