للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد في كتب الحديث "عن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أنه قال: أتانا معاذ بن جبل -رضي الله عنه- باليمن معلمًا وأميرًا"١. وقد أرسل الرسول معاذًا إلى اليمن ليعلمهم الفرائض وأحكام الدين. وإذا صح النص، صار دليلًا على شيوع لفظة "معلم" في ذلك العهد.

ووردت لفظة "المعلم" في رسائل "عمر" إلى عماله، ففي رسالة له "إلى أهل الكوفة": "إني قد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا"٢. وأراد بلفظة المعلم، من يعلم الناس ويرشدهم ويفقههم في أمور الدين. وكانوا يطلقون على من يعلم الكتابة في "الكتّاب": معلم كتّاب. والكتّاب والمكتب، الموضع الذي يتعلم به.

ولست أعلم شيئًا عن مدى تقدم علم الحساب عند الجاهليين. وكل ما أستطيع أن أقوله، هو أنهم كانوا يعلّمون أولادهم مع الخط مبادئ الحساب والمعرفة، وهي الجمع والطرح والضرب والتقسيم، وذلك لحاجتهم إليها في حياتهم اليومية، ولا سيما بالنسبة إلى التجار أصحاب المصالح الكبيرة، إذ تدفعهم الحاجة إلى ضبط أعمالهم وحسابهم. وقد ذكر أهل الأخبار أن الجاهليين استعملوا حساب عقود الأصابع في حسابهم، فوضعوا كلًّا منها بإزاء عدد مخصوص، ثم رتبوا لأوضاع الأصابع آحادًا وعشرات ومئات وألوفًا، ووضعوا قواعد يتعرف بها حساب الألوف فما فوقها بيد واحدة. وقد أشير إلى حساب اليد في الحديث، كما استعملوا العدّ بالحصى، وبه يحسبون المعدود٣. والعدّ برسم خطوط، فيدل كل خط على عدد، ومجموع الخطوط هو المعدود.

وورد في الأخبار أن الرسول دعا لمعاوية بقول: "اللهم علّمه الكتاب والحساب"٤، وقد نعت بأنه كان من الكتبة الحسبة الفصحاء٥، والحديث المذكور من أحاديث أهل الشأم٦، ولهم أحاديث أخرى في الثناء على "معاوية"، وهي


١ إرشاد الساري "٩/ ٤٢٩".
٢ خورشيد أحمد فاروق، حضرت عمر "١١٦"، "رقم ٢٠٧، ٢٠٨، ٢٠٩".
٣ بلوغ الأرب "٣/ ٣٧٩ وما بعدها".
٤ البيان والتبيين "٢/ ١١٦".
٥ الإصابة "٣/ ٤١٢" "رقم ٨٠٧٠".
٦ الاستيعاب "٣/ ٣٨١" "حاشية على الإصابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>