للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأحاديث التي أوجدتها العصبية السياسية، على نحو ما نجد من أحاديث في "عبد الله بن عباس" وفي العلويين. وقد روي الحديث المذكور في حق أشخاص آخرين. وقد وضعت أحاديث في مدح معاوية وبني أمية. وأرى أن الحديث المذكور وضع في مقابل حديث "اللهم علمه الحكمة"، الذي روي أن الرسول قاله في "ابن عباس"، وحديث: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" أو "اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب"، و "اللهم بارك فيه وانشر منه"، وأحاديث أخرى ذكر أنها قيلت فيه١.

وأما ما نسب إلى الرسول من قوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا" فإنه حديث ضعيف، وقد ورد أيضًا أن رجلًا قال: ما كنت أظن أن عددًا يزيد على ألف٢، وهو قول ينطبق على حالات فردية لأعراب، ولا يمكن أن ينطبق بالنسبة للحضر، ولا سيما لأهل مكة الذين كانت لهم تجارة ضخمة وقوافل تذهب إلى مختلف الأنحاء، تحمل تجارة تقدر أثمانها بعشرات الألوف، فهل يعقل صدور مثل هذا الحديث من الرسول؟

وقد كان الجاهليون يتراسلون بينهم، فيكتبون كتبًا إلى من يريدون مراسلته. والكتاب هو صحيفة قد تكون من جلد، أو من مادة أخرى. وقد ذكر أن الرسول كتب كتابًا إلى "بني حارثة بن عمرو بن قريظ"، فأخذوا الكتاب وغسلوه، ثم رقعوا به دلوهم٣. ويدل هذا على أن الكتاب كان صحيفة من جلد.

والرسائل من حقول التدوين المهمة عند الجاهليين. وهي رسائل قد تكون في أمور خاصة، كرسائل أب إلى ابنه أو العكس ورسائل أصدقاء وأقارب من ذوي الأرحام، وهي تتناول مسائل شخصية خاصة تهم المتكاتبين. وقد تتناول الأحداث التي يكون لها شأن عند الناس وخطر، فيكتب المتكاتبون عنها، لما فيها من أهمية ولذة بالنسبة لهم. وقد تكون الرسائل إخبارية، كأخبار عن تجارة ومعاملة أو عن حدث وقع أو غزو أو قرب وقوع حرب أو إخبار بهجوم عدو ومقدار قوته وما شاكل ذلك من أمور، ذات أهمية خاصة، بالنسبة للمرسل إليهم.


١ الإصابة "٢/ ... ".
٢ الأحكام السلطانية "١٩٢".
٣ إمتاع الأسماع "١/ ٤٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>