للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من أزد شنوءة. وكان رجلًا يتطبب ويرقي ويطلب العلم، ويداوي من الريح. وقد أسلم. وكان محترمًا مقدرًا. ذكر أن بعثًا بعثه رسول الله أو أبو بكر، مرّ ببلاد ضماد، فلما جاوزوا تلك الأرض. وقف أميرهم، فقال: أعزم على كل رجل أصاب شيئًا من أهل هذه الأرض إلا ردّه، لمكانة هذا الرجل ولشرفه ولصداقته للرسول١. "وروي أنه قدم مكة معتمرًا، فسمع كفار قريش يقولون: محمد مجنون، فقال: لو أتيت هذا الرجل فداويته. فجاءه فقال له: يا محمد إني أداوي من الريح، فإن شئت داويتك لعل الله ينفعك، فتشهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحمد الله وتكلم بكلمات فأعجب ذلك ضمادًا، فقال: أعدها علي، فأعادها عليه فقال: لم أسمع مثل هذا الكلام قط، لقد سمعت الكهنة والسحرة والشعراء فما سمعت مثل هذا قط"٢.

ولا يستبعد تعلم هؤلاء الأطباء في جنديسابور مركز الطب والعلوم في الامبراطورية الساسانية أو في أماكن من بلاد الشأم، فقد كان الطبيب الحاذق محتاجًا في هذا اليوم إلى تعلم هذا العلم في أماكن متعددة للاستفادة من تجارب الأطباء. وقد كان السفر متصلًا غير منقطع، فلا يستبعد قدوم الأطباء وطلاب الطب من جزيرة العرب إلى هذه الأماكن للتعلم فيها.

واشتغلت النساء بالمعالجة والتطبيب أيضًا. فقد قامت "رفيدة" تداوي جرحى المسلمين يوم ذهابهم إلى "بني قريظة"٣. وكانت امرأة تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين. وكانت لها خيمة في المسجد، مسجد الرسول بيثرب تداوي بها الجرحى. ولما جرح "سعد بن معاذ" يوم الخندق، قال رسول الله: "اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده من قريب"، وكان الرسول يزوره في خيمتها في الصباح وفي المساء٤.

واشتهرت "زينب"، وهي من "بني أود" بالطب. كانت تطبب وتعالج العين والجراح٥.


١ الإصابة "٢/ ٢٠٢"، "رقم ٤١٧٧"، الاستيعاب "٢/ ٢٠٩"، حاشية على الإصابة.
٢ ابن سعد، طبقات "٤/ ٢٤١".
٣ نهاية الأرب "١٧/ ١٩١".
٤ الإصابة "٤/ ٢٩٥"، "رقم ٤٢٤".
٥ زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية "١/ ٤٠"، "١٩٥٧م".

<<  <  ج: ص:  >  >>