للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتجارب العملية التي كانت تقع لهم عند طلوع الكواكب المذكورة. فنسبوا الفعل إليها، من جفاف ورطوبة وحر وبرد، وهطول مطر أو انحباسه ومن حصول أوبئة إلى غير ذلك من أثر.

ويظهر من دراسة ما ورد عن أنواء أرباع السنة وعن عدة المنال وصفاتها ومن الأسماء التي أطلقت عليها على أن الجاهليين كانوا على علم بها وبالبروج١.

فالمصطلحات المستعملة في هذه الأنواء وكذلك الأسماء هي مصطلحات أخذها المسلمون من لغة أهل الجاهلية، وأخذهم لها عنهم، كلًّا أو بعضًا، هو دليل على وجود علم للجاهليين بالأنواء والفلك. ولا يستبعد ذلك عنهم؛ لأن الجاهليين كانوا في حاجة شديدة إلى معرفة الأنواء وعلم الفلك، وقد كان لأهل العراق ولأهل بلاد الشأم علم بهما، يعود بعضه إلى البابليين ويعود بعض آخر إلى اليونان، وقد كان السريان يدرسون الفلك، والعرب على اتصال بهم، ولا سيما عرب النصارى مثل أهل الحيرة، حيث درسوا علوم تلك الأيام، ولما كانت معارف الأنواء والفلك ضرورة لهم، فلا يستبعد أخذ الجاهليين معرفتهم بهما من المكانين.

والأجرام السماوية هي كواكب ونجوم، وقد أشير إليها في القرآن الكريم.

و"الكوكب" من التسميات التي ترد في اللهجات السامية الأخرى فهي "كوكب" "كوكاب" في العبرانية، و"كوكبا" في السريانية، و"كوكب" في الحبشية، و"ككبو" Kakkabu في الأشورية٢. ويراد بالكوكب النجوم المتحركة التي تتغير مواضعها. أما الأجرام التي تبدو ثابتة لا تترك محلاتها، فهي النجوم.

وقد اشتهرت مجموعة من النجوم باسم "بنات نعش" عند العرب ولا تزال هذه التسمية دائرة على ألسنة الناس يطلقونها على المجمة نفسا المعروفة بهذه التسمية عند الجاهليين، وللأخباريين قصص أوردوه عن هذه التسمية يرجع إلى ما قبل الإسلام. وتعرف بنات نعش بـ"عيش" "عاش" و"عيش" عند العبرانيين٣.

وعرفت مجموعة أخرى من النجوم باسم "جبار". وتسمى "جبارا" Gabbara


١ العمدة "٢٥٢" "باب ذكر منازل القمر".
٢ Hastings, Dict., vol., I, P. ١٩١
٣ Hastings, Dict., Vol., I, p. ١٩١

<<  <  ج: ص:  >  >>