للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض بني أسد:

لهم ناسئ يمشون تحت لوائه ... يحل إذا شاء الشهورَ ويُحْرِمُ١

وقال آخر:

نسوء الشهور بها وكانوا أهلها ... من قبلكم والعز لم يتحول٢

وقد نسب "القرطبي" البيت:

ألسنا الناسئين على معد ... شهور الحلّ نجعلها حراما

إلى الكميت٣

وقد استمرت طريقة النسيء هذه إلى أيام الإسلام، فحج أبو بكر في السنة التاسعة من الهجرة، فوافق حجه ذا القعدة، ثم حج رسول الله في العام القابل الموافق للسنة العاشرة للهجرة، المصادفة لسنة "٦٣١" للميلاد، فوافق عود الحج في ذي الحجة. ثم نزل الحكم بإبطال النسيء في الآيات: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ، إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ٤. وخطب الرسول في جموع الحجاج خطبته الشهيرة التي بين فيها مناسك الحج وسننه وأمورا أخرى أوضحها لهم، فكان مما قاله لهم: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} ، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض،


١ تاج العروس "١/ ٤٥٧"، "الكويت".
٢ تفسير بحر المحيط "٥/ ٣٩".
٣ تفسير القرطبي "٨/ ١٣٨".
٤ سورة التوبة: الآية ٣٦ وما بعدها، راجع تفسير الطبري "١٠/ ٩١ وما بعدها"، تفسير الرازي "٤/ ٤٤٦ وما بعدها"، تفسير الطبرسي "٣/ ٢٣ وما بعدها"، الكشاف "٢/ ١٥٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>