للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقارنات اللغات السامية ودراستها، فيه من الإمكانيات والقابليات ما لا نجده في بقية الحقول١.

وقد ذهب "نولدكه" إلى أن من الضروري في دراسة مقارنات اللغات السامية البدء باللغة العربية، وذلك بأن نأخذ في تسجيل خصائصها ومميزاتها وقواعدها وكيفية النطق بألفاظها وما إلى ذلك، ثم نقارن ما سجلناه بما يقابله في بقية اللغات السامية، لنقف بذلك على ما بين هذه اللغات من مفارقات ومطابقات. ولا بأس في رأيه من الاستعانة باللهجات الحالية أيضًا، لأنها مادة مساعدة جدًّا ومفيدة كثيرة في الكشف عن خصائص اللغات السامية وعن مميزاتها وتطورها في مختلف العصور. وفي رأيه أن دراسة من هذا النحو ليست بالأمر اليسير، فإنها تتطلب جلدًا وعلمًا وإحطاة باللغات السامية كلها وبآثارها القديمة، وأن يقوم بها علماء لغويون متخصصون، على جانب كبير من العلم والذكاء والإحاطة بالساميات٢.

وليس بين اللغات السامية لغة واحدة تستطيع أن تدعي أنها سامية صافية نقية، وأنها لم تتأثر قط باللغات الأخرى التي تنتمي إلى مجموعات لغوية غير سامية وقضية صفاء لغة ما من لغات العالم وخلوها من الألفاظ والكلمات الغريبة، قضية لا يمكن أن يقولها رجل له إلمام بعلوم اللغات ولو يسيرًا جدًّا. وإذا كانت اللغات السامية قد تأثرت باللغات الأخرى بسبب اختلاط الشعوب واتصال ألسنتها بعضها ببعض نتيجة ذلك الاختلاط، فإن من الطبيعي أن تكون اللغات السامية قد أثرت بعضها في بعض، ولهذا نجد في كل لغة من اللغات السامية ألفاظًا أخذتها من لغة ما من لغات أبناء سام.

وخير ما يمكن أن نفعلها الآن في موضوع اللغة السامية وأقرب اللغات السامية إليها، هو أن نقوم باستخلاص القديم المشترك من كل اللغات السامية، ثم نكون من هذا المجتمع لغة نعدها أقرب اللغات السامية صورة إلى اللغة السامية الأولى.

وتعدّ للضمائر وأسماء العدد وأسماء أعضاء الجسم الأساسية المهمة وجملة ألفاظ تخص الحياة الإنسانية الأساسية، مثل بيت وسماء وأرض وجمل وكلب وحمار وعدد


١ Sprachen, S. ٥ ff.
٢ Sprachen, s. ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>