للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حروف الجرّ، من جملة القديم المشترك في جميع اللغات السامية أو في أكثرها، وهو لذلك يفيدنا من هذه الناحية كثيرًا في تكوين فكرة عن اللغة السامية القديمة وعن أقرب اللغات السامية إلى الأصل.

ويقسم علماء الساميات اللغات السامية إلى قسمين: لغات سامية شمالية، ولغات سامية جنوبية. ويقسم بعض العلماء اللغات السامية الشمالية إلى مجموعتين: مجموعة شرقية، ومجموعة غربية. ويقصدون بالمجموعة الشرقية اللغات السامية المتركزة في العراق، ويقصدون بالمجموعة الغربية اللغات السامية المتركزة في بلاد الشأم.

وقد تأثرت كل مجموعة من المجموعتين بالمؤثرات اللغوية والحضارية للمكان التي عاشت فيه، ومن هنا حدث بعض الاختلاف بين الجماعتين.

ومن أهم الخصائص التي امتازت بها اللغات السامية من غيرها من اللغات:

اعتمادها على الحروف الصامتة "Konsonanet" = "Consonant" أكثر من اعتمادها على الأصوات "Vocal" = "Vokale"، فنرى أن أغلب كلماتها تتألف من اجتماع ثلاثة أحرف صامتة. أما الأصوات، فلا نجد لها حروفًا تمثلها في اللغات السامية. وهي بذلك على عكس اللغات الآرية التي اهتمت بالأصوات، فدونتها مع الحروف الصامتة وقد اضطرت اللغات السامية نتيجة لذلك إلى الاستزادة من الحروف، فزادت في عددها عن العدد المألوف في اللغات الآرية، وأوجدت لها حروفًا للتفخيم والترقيق وإبراز الأسنان والضغط على الحلق١

ويتولد في اللغات السامية من تغير حركات الأحرف الثلاثية الصامتة وتبديلها، معان جديدة. ولهذا كان من أهم واجبات الأصوات في اللغات السامية تغيير حركات الحروف لتوليد معان جديدة. فالأحرف الثلاثة الصامتة إذن هي التي تكون مفهوم الكلمة وهيكلها، ولكن مفاهيم هذه الأصول الثلاثية لا تبقى على حالها متى تغيرت حركات هذه الحروف. فكلمة "فعل" المؤلفة من ثلاثة أحرف صامتة، هي حروف الفاء والعين واللام، هي أصل، غير أن هذا الأصل غير ثابت. بل هو عرضة للتغيير، ويكون تغيره بتغيير حركات أحرفه، فإذا تغيرت


١ ولفنسون، تأريخ اللغات السامية "ص١٤".
Brockelmann, Grundriss, I, S. ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>