حركات هذه الأحرف تغيرت معانيها حتمًا. فكل تغيير إذن في حركات أحرف الأصل يعقبه تغير في معنى ذلك الأصل. فلفظة "فَعَلَ"، تختلف في المعنى عن لفظة "فِعْلٍ"، واللفظتان "فَعَلَ" و"فِعْل" تختلفان أيضًا في المعنى عن معنى لفظة "فُعِلَ". وقد تولد هذا الاختلاف من تغير حركات حروف الأصل وتبدلها.
ومن الممكن إحداث معان جديدة في اللغات السامية، وذلك بإضافة زوائد تتألف من حرف أو أكثر إلى الأصول الثلاثية، فيتبدل بذلك معنى الأصل. فإذا أضفنا حرف الألف بين حرفي الفاء والعين من "فعل"، تغير المعنى، وصارت اللفظة "فاعل"، وإذا وضعنا حرف الواو بين حرفي العين واللام من فعل، تغير المعنى، وصارت اللفظة "فعول"، وهكذا.
فنرى مما تقدم أن المعاني المشتقة من الكلمات ذات الأصل الثلاثي مهما تغيرت وتولدت نتيجة لتغير حركات تلك الحروف الثلاثة الصامتة، فإنها لا تتصل من هذه الحروف ولا تتركها، بل تبقى في صلب كل كلمة، مهما صار معناها.
فكلمة "قتل" العربية مثلًا المؤلفة من ثلاثة أحرف صامتة، يمكن أن نولد منها معاني جديدة، أي: كلمات جديدة، بتغيير هذه الأحرف الثلاثة، أو بإدخال زوائد عليها، أو بتشديد بعض حروفها كما ذكرت، غير أننا لا نستطيع أن نترك حرفًا من هذه الأحرف الثلاثة التي هي الأصل.
فألفاظ مثل قاتل، وقتيل، وقتال، ومقتول، وقَتْل، وقَتَّلَ، وقُتِلَ، وكلها مشتقة من الأحرف الصامتة الثلاثة: القاف والتاء واللام، لم نتمكن من الاستغناء عن حرف من هذه الأحرف الثلاثة، بل اضطررنا إلى إبقائها كلها فيها. إلا أنا أجبرنا على التفريق بينها بسبب دخول الزيادات١.
وليس في اللغات السامية إدغام للكلمات، أي: وصل كلمة بأخرى، لتكون من الكلمتين كلمة واحدة يكون لها معنى مركب من معنى الكلمتين المستقلتين كما في اللغات الآرية. وأما ما نراه من عد كلمتين مضافتين كلمة واحدة تؤدي معنى واحدًا، فإن هذا النوع من التركيب بين الكلمتين شيء جديد في اللغات
١ Semitistik, Dritter Band, Erster Absschnitt, ١٩٥٣, s. ١٠ ff.