للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكروا أن مما وقع في القرآن من غير العربية: الفرس، والروم، والنبط، والحبشة، والبربر، والسريانية، والعبرانية، والقبط١.

وقال بعض العلماء: "أنزل القرآن أولًا بلسان قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء، ثم أبيح للعرب أن يقرأوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف أحد منهم الانتقال عن لغته إلى لغة أخرى للمشقة، ولما كان فيهم من الحمية، ولطلب تسهيل فهم المراد"٢.

وذهب "الباقلاني" إلى أن "معنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ، ولم يقل قرشيًّا، قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولًا واحدًا يعني حجازها ويمنها، وكذا قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر، قال: لأن لغة غير قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات فإن قريشًا لا تهمز، وقال ابن عطية: قال ابن عباس: ما كنت أدري معنى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} ، حتى سمعت أعرابيًّا يقول: لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها"٣.

وسند القائلين: إن القرآن نزل بلسان قريش، كون الرسول من مكة، ومكة موطن قريش. فلا بد من نزول كتاب الله بلسانهم، ليكون حجة عليهم وإعجازًا لفصائحهم، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} ٤، فعلى هذا تكون لغة القرآن لغة قريش٥، ولما جاء في الأخبار التي رويت عن "عمر" و"عثمان" من أنه نزل بلسان قريش.

ومن حججهم أيضًا ما رووه عن "أبي عبيد الله" من قوله: "أجمع علماؤنا بكلام العرب والرواة لأشعارهم والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالتهم أن قريشًا أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة. وذلك أن الله -جل ثناؤه- اختارهم من جميع العرب واصطفاهم واختار منهم نبي الرحمة محمدًا صلى الله عليه وسلم، فجعل قريشًا قطان حرمه وجيران بيته الحرام وولاته. فكانت وفود العرب من


١ السيوطي، الإتقان "١/ ١٠٢"، الصاحبي "٦١".
٢ السيوطي، الإتقان "١/ ١٣٦".
٣ ابن كثير، فضائل القرآن "٧٧".
٤ سورة إبراهيم، الآية٤.
٥ السيوطي، الإتقان "١/ ١٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>