للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كيف يظن بهم ثالثًا اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته! إلخ! وفي بعض هذه القراءات خطأ حصل من الكتابة، قال "هشام بن عروة عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله تعالى: {إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ٢، وعن قوله تعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ٣. وعن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} ٤ فقالت: يا أخي، هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب"٥، أي من الرسم، وهو في الأكثر، فهذا الخطأ في الرسم القديم للكتابة، هو الذي جعل العلماء يسمونه لحنًا، وهو ليس بلحن في الأصل، وإنما جاء اللحن من قراءة القراء بألحانهم، أي على حسب لغاتهم، وإلا فلا يعقل تطاولهم على القرآن بقراءاتهم له قراءة مخالفة للإعراب ولما نزل به الوحي. وهكذا كان الأمر بالنسبة للمواضع الأخرى مثل: {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} ٦، فقد قرئ بسكون الشين وهي لغة تميم، وكسرها وهي لغة الحجاز، وفتحها وهي لغة٧، ومثل "الصراط"، فقد قرأت بالسين وبالصاد، والقراءتان لهجتا قبائل، ومثل"حتى"، فقد قرئت "عتى"، قرأها "ابن مسعود" على لسانه، إذ كان من هذيل.

وقد ذكر "المعري" أمثلة على قراءات في القرآن قرأها علماء مشهورون مثل "حمزة بن حبيب"، هي منكرة في نظر غيره من العلماء، "ينكرها عليه أصحاب العربية، كخفض الأرحام في قوله تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ وكسر الياء في قوله تعالى: "وما أنتم بمصرحيِ وكذلك سكون الهمزة في قوله تعال: "استكبارا في الأرض ومكر السيئ"، وجاء بأمثلة أخرى من قراءات غيره للقرآن٨.

والخلاف الذي نلاحظه في أمور النحو بين علماء أهل البصرة وعلماء أهل الكوفة، في مثل عمل الأسماء والأدوات: أدوات الجر، أو الخفض، وأدوات النصب، وأدوات الجزم، وأمثال ذلك، هو في حد ذاته دليل على وجود إعراب متعدد


١ السيوطي، الإتقان "٢/ ٢٧٠".
٢ [طه: ٦٣] .
٣ [النساء، الآية: ١٦٢] .
٤ [المائدة، الآية: ٦٩] .
٥ السيوطي، الإتقان "٢/ ٢٦٩".
٦ [البقرة، الآية: ٦٠] .
٧ السيوطي، الإتقان "٢/ ٢٧٧".
٨ رسالة الغفران "٣٦٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>