للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يشين ويسيء إلى المهجو. لما هجا جرير "بني نمير" بقوله:

فغضَّ الطَّرْفَ إنك من نمير ... فلا كعبًا بلغتَ ولا كِلابا

أخذ بنو نمير ينتسبون إلى عامر بن صَعْصَعَة، ويتجاوزون أباهم نميرًا إلى أبيه، هربًا من ذكر نمير وفرارًا مما وسم به من الفضيحة والوصمة. مع أنهم كانوا قبل ذلك إذا سئل أحدهم ممن الرجل فخم لفظه ومد صوته وقال: من بني نمير، وكانوا جمرة من جمرات العرب. وكان أحدهم إذا رأى نميريًّا وأراد نبزه والإساءة إليه قال له: غمِّض وإلا جاءك ما تكره، وهو إنشاد هذا البيت١. وصار الرجل من بني نمير إذا قيل له: ممن الرجل؟ قال: من بني عامر٢!

قال الجاحظ: "وفي نمير شرف كثير. وهل أهلك عنْزَة، وجرمًا، وعُكلا، وسلولَ، وباهلة وغنيًا، إلا الهجاء؟!

وهذه قبائل فيها فضل كثير وبعض النقص، فمحق ذلك الفضل كله هجاء الشعراء. وهل فضح الحبطات، مع شرف حسكة بن عتاب، وعبَّاد بن الحصين وولده، إلا قول الشاعر:

رأيت الحمر من شر المطايا ... كما الحبطات شر بني تميم٣

وقد هجيت فزارة بأكل أير الحمار، وبكثرة شعر القفا. وكان حذف الفزاري قد أطعم جُردان الحمار، فقتل الذي أطعمه. وقال: طاح مرقمه، فذهبت مثلا. ففزارة تعير بذلك إلى اليوم. قال الشاعر:

إن بني فزارة بن ذبيان ... قد سبقوا الناسَ بأكل الجردان

وقال آخر:

أصيحانية علت بزبد ... أحب إليك أم أير الحمار٤؟


١ الخزانة "١/ ٣٥ وما بعدها"، "بولاق"، البيان والتبيين "٤/ ٣٥".
٢ البيان والتبيين "٤/ ٣٥، ٣٨".
٣ البيان والتبيين "٤/ ٣٦ وما بعدها".
٤ الاشتقاق "١/ ١٧٣ وما بعدها"، البيان والتبيين "٤/ ٣٨ وما بعدها"، الخزانة "١/ ٣٩٥"، سمط اللآلي "٨٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>